﴿حاصبا ثمَّ لَا تَجدوا لكم وَكيلا (٦٨) أم أمنتم أَن يعيدكم فِيهِ تَارَة أُخْرَى فَيُرْسل عَلَيْكُم قاصفا من الرّيح فيغرقكم بِمَا كَفرْتُمْ ثمَّ لَا تَجدوا لكم علينا بِهِ تبيعا (٦٩) وَلَقَد كرمنا بني آدم وحملناهم فِي الْبر وَالْبَحْر ورزقناهم من الطَّيِّبَات وفضلناهم﴾
وَقَالَ بعض أهل اللُّغَة الحاصب: الْبرد، وَقَالَ بَعضهم الحاصب: الثَّلج. قَالَ الفرزدق:
(مُسْتَقْبلين شمال الرّيح بطردهم | ذُو حاصب كنديف [الْقطن] منثور) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم أمنتم أَن يعيدكم فِيهِ تَارَة أُخْرَى﴾ أَي: فِي الْبَحْر كرة أُخْرَى. وَقَوله: ﴿فَيُرْسل عَلَيْكُم قاصفا من الرّيح﴾ القاصف: هُوَ الرّيح الَّتِي تكسر كل شَيْء وصلت إِلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿فيغرقكم بِمَا كَفرْتُمْ﴾ أَي: بكفركم.
وَقَوله: ﴿ثمَّ لَا تَجدوا لكم علينا بِهِ تبيعا﴾ أَي: ثائرا، وَهُوَ طَالب الثأر، هَكَذَا قَالَه الْفراء، وَقيل: من يتبعنا بالإنكار.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد كرمنا بني آدم﴾ فِيهِ أَقْوَال: رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: هُوَ أكلهم بِالْيَدِ، وَسَائِر الْحَيَوَانَات يَأْكُلُون بأفواههم، وَقيل: امتداد الْقَامَة وانتصابها، وَالدَّوَاب منكبة على وجوهها، وَقيل: بِالْعقلِ والتمييز، وَقيل: بِأَن سخر جَمِيع الْأَشْيَاء لَهُم، وَقيل: بِأَن جعل فيهم خير أمة أخرجت للنَّاس، وَقيل: بالخط والقلم.
وَقَوله: ﴿وحملناهم فِي الْبر وَالْبَحْر﴾ أَي: حملناهم فِي الْبر على الدَّوَابّ، وَفِي الْبَحْر على السفن.
وَقَوله: ﴿ورزقناهم من الطَّيِّبَات﴾ الَّتِي رزقها الله تَعَالَى بني آدم فِي الدُّنْيَا مَعْلُومَة، وَقيل: الْحَلَال، وَقيل.