﴿على كثير مِمَّن خلقنَا تَفْضِيلًا (٧٠) يَوْم نَدْعُو كل أنَاس بإمامهم﴾
﴿وفضلناهم على كثير مِمَّن خلقنَا تَفْضِيلًا﴾ قَالَ أَبُو النَّضر مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ: على كل الْخلق سوى طَائِفَة من الْمَلَائِكَة مِنْهُم جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وعزرائيل، وَفِي تَفْضِيل الْبشر على الْمَلَائِكَة أَو الْمَلَائِكَة على الْبشر كَلَام كثير لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه. وَظَاهر الْآيَة أَنه فَضلهمْ على كثير من خلقه لَا على الْكل، وَيجوز أَن يذكر الْأَكْثَر، وَيُرَاد بِهِ الْكل، وَالْأولَى أَن يُقَال: إِن الْبشر أفضل من الْمَلَائِكَة على تَفْصِيل مَعْلُوم، وَهُوَ أَن عوام الْمُؤمنِينَ الأتقياء أفضل من عوام الْمَلَائِكَة، وخواص الْمُؤمنِينَ أفضل من خَواص الْمَلَائِكَة. وَقد قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة﴾ والبرية كل من خلق الله على الْعُمُوم.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿يَوْم نَدْعُو كل أنَاس بإمامهم﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: بِنَبِيِّهِمْ، وَالْآخر: بِكِتَابِهِمْ، وَالثَّالِث: بأعمالهم، وَعَن ابْن عَبَّاس: إِمَام هدى وَإِمَام ضَلَالَة، وَعَن سعيد بن الْمسيب: كل قوم يَجْتَمعُونَ إِلَى رئيسهم فِي الْخَيْر وَالشَّر. وَفِي الْخَبَر: يُنَادى يَوْم الْقِيَامَة: قومُوا يَا متبعي مُوسَى، يَا متبعي عِيسَى، يَا متبعي مُحَمَّد، يَا متبعي شَيْطَان، يَا متبعي كَذَا وَكَذَا.
وَفِي جَامع [أبي] عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي هَذِه الْآيَة: " أَن النَّبِي قَالَ: يعْطى الْمُؤمن كِتَابه بِيَمِينِهِ، ويمد فِي جِسْمه سِتُّونَ ذِرَاعا، ويبيض وَجهه، وَيُوضَع على رَأسه تَاج من لُؤْلُؤ، فَيقبل إِلَى أَصْحَابه، وَيَقُول لَهُم: أَبْشِرُوا؛ فَلِكُل رجل مِنْكُم مثل هَذَا. وَأما الْكَافِر فَيعْطى كِتَابه بِشمَالِهِ، ويمد فِي جِسْمه سِتُّونَ ذِرَاعا، ويسود وَجهه، وَيُوضَع على رَأسه تَاج من نَار، فَيقبل (إِلَى) أَصْحَابه وَيَقُول لَهُم: أَبْشِرُوا؛ فَلِكُل رجل مِنْكُم مثل هَذَا ".