﴿الَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك لتفتري علينا غَيره وَإِذا لاتخذوك خَلِيلًا (٧٣) وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاك لقد كدت تركن إِلَيْهِم شَيْئا قَلِيلا (٧٤) ﴾ الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة " وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن أهل الطَّائِف لما جَاءُوا إِلَى النَّبِي ليسلموا، وَكَانَ استصعب عَلَيْهِ أَمرهم، وحاصرهم بضع عشرَة لَيْلَة، وَلم يفتح، فَلَمَّا جَاءُوا قَالُوا للنَّبِي: نسلم بِشَرْط أَن لَا نركع، وَأَن تَمَتعنَا بِاللات سنة من غير أَن نعبدها، وَذكروا غير هَذَا، فَقَالَ: " أما ترك الرُّكُوع فَلَا خير فِي دين لَا رُكُوع فِيهِ، وَأما اللات فَلَا أترك وثنا بَين الْمُسلمين؛ فراجعوه فِي أَمر اللات، وَقَالُوا: لتتحدث الْعَرَب زِيَادَة كرامتنا عَلَيْك، فَسكت النَّبِي، فطمع الْقَوْم عِنْد سُكُوته، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة " وَهَذَا قَول مَعْرُوف.
وَقَوله: ﴿لتفتري علينا غَيره﴾ أَي: تَقول علينا غير مَا أَنزَلْنَاهُ عَلَيْك. وَقَوله: ﴿وَإِذا لاتخذوك خَلِيلًا﴾ أَي: صاحبا ووديدا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاك لقد كدت تركن إلَيْهِنَّ شَيْئا قَلِيلا﴾ معنى كَاد أَي: قرب، وكدت أَي: قربت من الْفِعْل.
وَقَوله: ﴿شَيْئا قَلِيلا﴾ فِي مَوضِع الْمصدر كَأَنَّهُ قَالَ: لقد كدت تركن إِلَيْهِم ركونا. فَإِن قيل: النَّبِي كَانَ مَعْصُوما من الشّرك والكبائر، فَكيف يجوز أَن يقرب مِمَّا طلبوه مِنْهُ؛ وَالَّذِي طلبوه مِنْهُ كفر؟
الْجَواب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنا نعتقد أَن الرَّسُول مَعْصُوم من الشّرك والكبائر، ونحمل على أَن مَا وجد مِنْهُ كَانَ هما من غير عزم، وَقد قَالَ النَّبِي: " إِن الله تَعَالَى وضع عَن أمتِي مَا حدثت بِهِ نَفسهَا مَا لم تَتَكَلَّم بِهِ أَو تعْمل " وَفِي الْجُمْلَة الله


الصفحة التالية
Icon