﴿وَقل رب أدخلني مدْخل صدق وأخرجني مخرج صدق وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا (٨٠) ﴾ هُوَ الْمقَام الْمَحْمُود.
وَعَن بَعضهم أَن الْمقَام الْمَحْمُود: هُوَ لِوَاء الْحَمد الَّذِي يعْطى النَّبِي وَقد ثَبت عَن النَّبِي، أَنه قَالَ: " شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي ". وَقَالَ: " إِن لكل نَبِي دَعْوَة مستجابة، وَإِنِّي ادخرت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة ". وَعنهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنه قَالَ: " لَا أَزَال أشفع حَتَّى يسلم إِلَيّ صكاك بأسماء قوم وَجَبت لَهُم النَّار، وَحَتَّى يَقُول مَالك خَازِن النَّار: مَا تركت للنار فِي أمتك من نقمة ". وَالْأَخْبَار فِي الشَّفَاعَة كَثِيرَة، وَأول من أنكرها عَمْرو بن عبيد، وَهُوَ ضال مُبْتَدع بِإِجْمَاع أهل السّنة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقل رب أدخلني مدْخل صدق وأخرجني مخرج صدق﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: أدخلني الْمَدِينَة مدْخل صدق، وَأخرج من مَكَّة مخرج صدق، وَذكر الصدْق لمدح الْإِخْرَاج، كَقَوْلِه: ﴿وَبشر الَّذين آمنُوا أَن لَهُم قدم صدق﴾ فالصدق لمدح الْقدَم، وَكَذَلِكَ قَوْله: ﴿فِي مقْعد صدق﴾ لمدح المقعد. وَإِنَّمَا مدح لما يؤول إِلَيْهِ الْخُرُوج وَالدُّخُول من النَّصْر والعز ودولة الدّين.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أخرجني من مَكَّة، وأدخلني مَكَّة، قَالَه الضَّحَّاك. وَالْقَوْل الثَّالِث: أدخلني فِي الدّين، وأخرجني من الدُّنْيَا، وَالْقَوْل الرَّابِع: أدخلني فِي الرسَالَة، وأخرجني من الدُّنْيَا، وَقد قُمْت بِمَا وَجب على من حَقّهَا. وَالْقَوْل الْخَامِس: أخرجني يَعْنِي من المناهي وأدخلني يَعْنِي فِي الْأَوَامِر.
وَالْمَشْهُور هُوَ الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ. والمخرج بِمَعْنى الْإِخْرَاج، والمدخل بِمَعْنى الإدخال.