﴿وَقل جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقا (٨١) ﴾
وَقَوله: ﴿وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا﴾ قَالَ مُجَاهِد: حجَّة بَيِّنَة، وَقَالَ غَيره: ملكا عَزِيزًا، وَالْملك الْعَزِيز: هُوَ الْمُؤَيد بِالْقُدْرَةِ وَالْحجّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقل جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل﴾ قَالَ قَتَادَة: الْحق: الْقُرْآن، وَالْبَاطِل: الشَّيْطَان. وَقيل: الْحق: عبَادَة الله، وَالْبَاطِل: عبَادَة الْأَصْنَام. وَقد ثَبت بِرِوَايَة ابْن مَسْعُود: " أَن النَّبِي دخل مَكَّة، وحول الْكَعْبَة ثلثمِائة وَسِتُّونَ صنما، فَجعل يطعنها وَيَقُول: جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقا " ذكره البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح، قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْأَجَل الزَّاهِد أَبُو المظفر مَنْصُور بن مُحَمَّد السَّمْعَانِيّ: أخبرنَا بِهِ الْمَكِّيّ بن عبد الرَّزَّاق الْكشميهني قَالَ: أَنا جدي أبي الْهَيْثَم قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن يُوسُف الْفربرِي قَالَ: أخبرنَا البُخَارِيّ قَالَ: أخبرنَا عَليّ بن [الْمَدِينِيّ] قَالَ: أَنا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن أبي معمر، عَن عبد الله بن مَسْعُود الْخَبَر ".
وَفِي بعض التفاسير: أَن النَّبِي كَانَ يُشِير بِيَدِهِ إِلَى الصَّنَم فيستلقي الصَّنَم من غير أَن يمسهُ.
وَقَوله: ﴿إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقا﴾ أَي: ذَاهِبًا. يُقَال: زهقت نَفسه إِذا خرجت.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة﴾ الْآيَة قيل: إِن " من " هَا هُنَا للتجنيس لَا للتَّبْعِيض. وَمَعْنَاهُ: وننزل الْقُرْآن الَّذِي مِنْهُ الشِّفَاء، وَقيل: وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة أَي: مَا كُله شِفَاء فَيكون المُرَاد من الْبَعْض هُوَ الْكل، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
(أَو يعتلق بعض النُّفُوس حمامها... )


الصفحة التالية
Icon