﴿قل كل يعْمل على شاكلته فربكم أعلم بِمن هُوَ أهْدى سَبِيلا (٨٤) ويسألونك عَن﴾
وَقَوله: ﴿فربكم أعلم بِمن هُوَ أهْدى سَبِيلا﴾ أَي: أوضح طَرِيقا، وَأبين مسلكا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ويسألونك عَن الرّوح﴾ الْآيَة. روى عَلْقَمَة عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: " كنت مَعَ رَسُول الله فِي حرث، وَهُوَ متوكئ على عسيب فَجَاءَهُ قوم من الْيَهُود، وسألوه عَن الرّوح فَوقف رَسُول الله ينظر إِلَى السَّمَاء فَعرفت أَنه يُوحى إِلَيْهِ، وتنحيت عَنهُ، ثمَّ قَالَ: ﴿ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾ وَهَذَا خبر صَحِيح ".
وَعَن ابْن عَبَّاس بِرِوَايَة عَطاء " أَن قُريْشًا اجْتمعت وَقَالُوا: إِن مُحَمَّدًا نَشأ فِينَا بالأمانة والصدق، وَمَا أتهمناه بكذب، وَقد ادّعى مَا ادّعى، فَابْعَثُوا بِنَفر إِلَى الْيَهُود، واسألوهم عَنهُ، فبعثوا بِقوم إِلَى الْمَدِينَة؛ لِيَسْأَلُوا يهود الْمَدِينَة عَنهُ، فَذَهَبُوا وسألوهم، فَقَالُوا: سلوه عَن ثَلَاثَة أَشْيَاء: إِن أجَاب عَن اثْنَيْنِ، وَلم يجب عَن الثَّالِث، فَهُوَ نَبِي، وَإِن أجَاب عَن الثَّلَاث، أَو لم يجب عَن شَيْء من الثَّلَاثَة فَلَيْسَ بِنَبِي، سلوه عَن ذِي القرنين، وَعَن فتية فقدوا فِي الزَّمن الأول، وَعَن الرّوح، - وَأَرَادُوا بِالَّذِي لَا يُجيب عَنهُ الرّوح - فَرَجَعُوا وسألوا النَّبِي عَن ذَلِك، وَقد اجْتمعت قُرَيْش فَقَالَ: سأجيبكم غَدا. وَلم يقل: إِن شَاءَ الله، فتلبث الْوَحْي أَرْبَعِينَ يَوْمًا لما أَرَادَ الله تَعَالَى، ثمَّ إِنَّه نزل بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾ وَنزل الْوَحْي بِقصَّة (أَصْحَاب) الْكَهْف وقصة ذِي القرنين، وَنزل بِالروحِ قَوْله تَعَالَى: ﴿ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي﴾.
وَاخْتلفُوا فِي الرّوح على أقاويل: فَروِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام. وَقد قَالَ فِي مَوضِع آخر ﴿نزل بِهِ الرّوح الْأمين﴾. وَعنهُ أَنه قَالَ: خلق فِي السَّمَاء من