﴿يكون لي غُلَام وَكَانَت امْرَأَتي عاقرا وَقد بلغت من الْكبر عتيا (٨) قَالَ كَذَلِك قَالَ رَبك هُوَ عَليّ هَين وَقد خلقتك من قبل وَلم تَكُ شَيْئا (٩) قَالَ رب اجْعَل لي آيَة قَالَ﴾
وَقيل فِي منع الشُّبْهَة: أَنه لم تَلد عَاقِر من النِّسَاء مثله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ رب أَنى يكون لي غُلَام وَكَانَت امْرَأَتي عاقرا وَقد بلغت من الْكبر عتيا﴾ أَي: يأسا وجفوفا، كَأَنَّهُ شكى نحولة الْعظم والفحل.
وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: " عسيا " بِالسِّين، وَالْمعْنَى وَاحِد.
وَقيل: كَيفَ سَأَلَ الله الْوَلَد فَلَمَّا أُجِيب قَالَ: ﴿أَنى يكون لي غُلَام﴾ ؟
وَالْجَوَاب عَنهُ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنه كَانَ قَالَ حَال الشَّبَاب، ثمَّ إِنَّه أُجِيب فِي حَال الْكبر. وَهَذَا قَول ضَعِيف.
القَوْل الثَّانِي: أَن مَعْنَاهُ: أَنى يكون لي غُلَام؟ يَعْنِي: كَيفَ يكون لي غُلَام؟ أفتردني إِلَى حَال الشَّبَاب أَو تهب لي الْغُلَام وَأَنا شيخ؟ وَقيل: إِنَّه سَأَلَ الْوَلَد مُطلقًا لَا من هَذِه الْمَرْأَة، فَقَالَ: كَيفَ يكون لي الْغُلَام؟ أَمن هَذِه الْمَرْأَة أَو من غَيرهَا؟
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ كَذَلِك قَالَ رَبك هُوَ عَليّ هَين﴾ أَي: يسير.
وَقَوله: ﴿وَقد خلقتك من قبل وَلم تَكُ شَيْئا﴾ قد بَينا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ رب اجْعَل لي آيَة﴾ أَي: دلَالَة. فَإِن قيل: لم سَأَلَ الْآيَة؟ أما صدق الله تَعَالَى حَتَّى يسْأَل الْآيَة؟. وَالْجَوَاب: أَن فِي الْقِصَّة: أَن الشَّيْطَان تمثل لَهُ، وَقَالَ: إِن الَّذِي يجبك لَيْسَ هُوَ الله، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان يستهزئ بك، فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الله


الصفحة التالية
Icon