﴿آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال سويا (١٠) فَخرج على قومه من الْمِحْرَاب فَأوحى إِلَيْهِم أَن سبحوا بكرَة وعشيا (١١) يَا يحيى﴾ الْآيَة، وَقد سَأَلَ الْآيَة ليَكُون زِيَادَة فِي سُكُون الْقلب.
وَقَوله: ﴿قَالَ آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال سويا﴾ أَي: مُتَتَابِعَات، وَقيل: فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَمَعْنَاهُ: أَلا يتَكَلَّم النَّاس سويا يَعْنِي: وَأَنت سوي لَا آفَة بك ثَلَاث لَيَال.
وَفِي الْقِصَّة: أَنه لم يقدر أَن يتَكَلَّم مَعَ النَّاس، وَكَانَ إِذا أَرَادَ التَّسْبِيح وَذكر الله يُطلق لِسَانه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَخرج على قومه من الْمِحْرَاب﴾ قد بَينا معنى الْمِحْرَاب.
وَقَوله: ﴿فَأوحى إِلَيْهِم﴾ أَي: أَوْمَأ إِلَيْهِم ﴿أَن سبحوا بكرَة وعشيا﴾
وَرُوِيَ أَنه كَانَ يَدُور على الْأَحْبَار كل يَوْم بكرَة وعشيا، وَيَأْمُرهُمْ بِالْعبَادَة وَالصَّلَاة، فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِه الْأَيَّام جعل يُشِير، وَيُقَال: إِنَّه كتب حَتَّى قرءوا مِنْهُ.
وَقَالَ بعض أهل الْعلم: إِن أَخذ لِسَانه عَن الْكَلَام كَانَ عُقُوبَة عَلَيْهِ لما سَأَلَ الله تَعَالَى عَن الْآيَة بعد أَن سمع وعد الله إِيَّاه، وَالله أعلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا يحيى﴾ قيل: يحيى مَأْخُوذ من قَوْله: (يَا) حَيّ ". وَحكى النقاش فِي تَفْسِيره: أَن " سارة " كَانَ اسْمهَا " يسارة " فسماها جِبْرِيل " سارة "، فَقَالَت: لم نقصت من اسْمِي حرفا؟ فَقَالَ: هُوَ لولد لَك يَأْتِي من بعْدك، وَكَانَ اسْم يحيى: " حَيّ " فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ على معنى أَنه حَيّ من كبيرين أيسا من الْوَلَد، ثمَّ زيد فِيهِ الْيَاء فَصَارَ " يحيى ". وَفِي الْآيَة حذف، وَمَعْنَاهُ: وهبنا لَهُ الْوَلَد ثمَّ قُلْنَا: يَا يحيى.


الصفحة التالية
Icon