﴿بالرحمن مِنْك إِن كنت تقيا (١٨) قَالَ إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكيا (١٩) قَالَت أَنى يكون لي غُلَام وَلم يمسسني بشر وَلم أك بغيا (٢٠) قَالَ كَذَلِك قَالَ رَبك هُوَ عَليّ هَين ولنجعله آيَة للنَّاس وَرَحْمَة منا وَكَانَ أمرا مقضيا (٢١) فَحَملته فانتبذت بِهِ﴾ يكون إيمانك مَانِعا من الظُّلم. كَذَلِك هَاهُنَا مَعْنَاهُ: يَنْبَغِي أَن يكون تقواك مَانِعا من الْفُجُور وَقيل: إِنَّهَا شكت فِي حَاله، فَقَالَت مَا قَالَت على الشَّك، وَالْقَوْل الثَّالِث: إِن كنت متقيا يَعْنِي: مَا كنت متقيا جِئْت دخلت عَليّ فِي هَذِه الْحَالة، وَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿قل إِن كَانَ للرحمن ولد﴾ أَي: مَا كَانَ للرحمن ولد. وَعَن بعض السّلف أَنه قَالَ: إِن كنت متقيا علمت أَن التقى ذُو نهية أَي: ذُو عقل؟ فَلهَذَا قَالَت: إِن كنت تقيا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك﴾. وقرىء: " ليهب لَك " فَقَوله: ﴿لأهب﴾ أضَاف إِلَى نَفسه، لِأَنَّهُ أرسل بالموهوب على يَده، وَقَوله: " ليهب " أَي: ليهب الله لَك. وَقَوله: ﴿غُلَاما زكيا﴾ أَي: طَاهِرا صَالحا.
قَوْله: ﴿قَالَت أَنى يكون لي غُلَام وَلم يمسسني بشر﴾ أَي: زوج. ﴿وَلم أك بغيا﴾ أَي: زَانِيَة وَمَعْنَاهُ: إِن الْوَلَد يكون من نِكَاح أَو سفاح، وَلَيْسَ هَاهُنَا وَاحِد مِنْهُمَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ كَذَلِك قَالَ رَبك هُوَ عَليّ هَين﴾ أَي: يسير.
وَقَوله: ﴿ولنجعله آيَة للنَّاس﴾ أَي: عَلامَة للنَّاس وَدلَالَة.
قَوْله: ﴿وَرَحْمَة منا﴾ أَي: ونعمة منا.
وَقَوله: ﴿وَكَانَ أمرا مقضيا﴾ أَي: مَحْكُومًا [محتما] لَا يرد وَلَا يُبدل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَحَملته﴾ فِي الْقِصَّة: أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام نفخ فِي جيب درعها، وَفِي رِوَايَة: فِي كم قميصها، وَفِي رِوَايَة: فِي فِيهَا، فَحملت بِعِيسَى فِي الْحَال، وَأخذ يَتَحَرَّك فِي الْبَطن.


الصفحة التالية
Icon