﴿من الْبشر أحدا فَقولِي إِنِّي نذرت للرحمن صوما فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسيا (٢٦) فَأَتَت بِهِ﴾


قَوْله تَعَالَى: ﴿وهزي إِلَيْك بجذع الْخلَّة﴾ قد بَينا هَذَا من قبل، وَذكرنَا أَنَّهَا هزت وأورقت وأثمرت.
وَقَوله: ﴿تساقط عَلَيْك رطبا﴾ أَي: تتساقط، فأدغمت إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الْأُخْرَى.
والجني: هُوَ الَّذِي بلغ الْغَايَة، وَجَاء أَوَان اجتنائه.
قَالَ الْكَلْبِيّ: رطبا بغباره. وَعَن ابْن الْمسيب بن دارم قَالَ: كَانَ برنيا، وَهِي أشْبع التَّمْر. وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: كَانَ عَجْوَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فكلي واشربي﴾ أَي: كل من الرطب، واشربي من النَّهر.
وَقَوله: ﴿وقري عينا﴾ أَي: طيبي نفسا. وَمِنْه قَوْلهم: أقرّ الله عَيْنك، وَقيل: [أَن] الْعين إِذا بَكت من السرُور بالدمع يكون بَارِدًا، وَإِذا بَكت من الْحزن يكون حارا، فَمن هَذَا: أقرّ الله عَيْنك، وأسخن الله عينه.
وَقَوله: ﴿فإمَّا تَرين﴾ مَعْنَاهُ: فإمَّا تَرين، وَذكر النُّون للتَّأْكِيد.
وَقَوله: ﴿من الْبشر أحدا﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿فَقولِي إِنِّي نذرت للرحمن صوما﴾ قرىء فِي الشاذ: " صمتا ". وَالْمَعْرُوف: " صوما " وَمَعْنَاهُ هُوَ: صمت، وَيُقَال: إِنَّهَا صَامت عَن الْكَلَام وَالطَّعَام جَمِيعًا، وَقيل: كَانَ الرجل من بني إِسْرَائِيل إِذا اجْتهد فِي الْعِبَادَة صَامَ عَن الْكَلَام وَالطَّعَام جَمِيعًا.
وَالنّذر عقد على الْبر لَو تمّ أَمر.
وَقَوله: ﴿فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسيا﴾ أَي: أحدا. فَإِن قيل: هِيَ تَكَلَّمت بِهَذَا، فَكيف تكون صَائِمَة عَن الْكَلَام؟
قُلْنَا: أذن لَهَا فِي هَذَا الْقدر من الْكَلَام.


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(إِن السّري إِذا سرى بِنَفسِهِ وَابْن السّري إِذا سرى أسراهما)