﴿قَومهَا تحمله قَالُوا يَا مَرْيَم لقد جِئْت شَيْئا فريا (٢٧) يَا أُخْت هَارُون مَا كَانَ أَبوك امْرأ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَتَت بِهِ قَومهَا تحمله﴾ فِي الْقِصَّة أَنَّهَا ولدت ثمَّ (حَملته) فِي الْحِين إِلَى قَومهَا، وَفِي بعض الرِّوَايَات: أَنَّهَا حَملته إِلَى قَومهَا بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا من وِلَادَتهَا.
وَقَوله: ﴿قَالُوا يَا مَرْيَم لقد جِئْت شَيْئا فريا﴾ قَالَ مُجَاهِد: عَظِيما مُنْكرا، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: عجبا. وَقيل: مختلقا مفتعلا. وَقد رُوِيَ أَنَّهَا لما أَتَت بِعِيسَى إِلَى قَومهَا وَأهل بَيتهَا حزنوا حزنا شَدِيدا - وَكَانُوا أهل بَيت صالحين - وظنوا بهَا الظنون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أُخْت هَارُون﴾ يَا شَبيهَة هَارُون. قَالَ قَتَادَة: وَكَانَ هَارُون رجلا عابدا فِي بني إِسْرَائِيل، وَلَيْسَ هُوَ هَارُون أَخُو مُوسَى، فشبهوها بِهِ على معنى أَنا ظننا وحسبنا (أَنَّك فِي) الصّلاح مثل هَارُون، وَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن المبذرين كَانُوا إخْوَان الشَّيَاطِين﴾ أَي: أشباه الشَّيَاطِين.
وَعَن كَعْب: أَن هَارُون كَانَ من أعبد بني إِسْرَائِيل وأمثلهم، قَالَ: وَلما توفّي صلى على جنَازَته أَرْبَعُونَ ألفا، كلهم يسمون هَارُون سوى سَائِر النَّاس، وَكَانُوا يسمون أَوْلَادهم باسمه لحبهم إِيَّاه.
وروى الْمُغيرَة بن شُعْبَة " أَن النَّبِي لما (بَعثه) إِلَى نَجْرَان قَالَ لَهُ نَصَارَى نَجْرَان: إِنَّكُم تقرءون: يَا أُخْت هَارُون! بَين مَرْيَم وَهَارُون كَذَا وَكَذَا من السنين، فَلم يدر الْمُغيرَة كَيفَ يُجيب، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى النَّبِي ذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: أَلا قلت لَهُم: كَانُوا يسمون باسم أَنْبِيَائهمْ وصالحيهم ". رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه.
وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهُوَ أَن المُرَاد بهَارُون: أَخُو مُوسَى، وَهَذَا كَمَا يَقُول الْقَائِل:


الصفحة التالية
Icon