﴿سوء وَمَا كَانَت أمك بغيا (٢٨) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا﴾ أَخا تَمِيم، أَو يَا أَخا ثَعْلَب، إِذا كَانَ من أَوْلَاده، وَقد كَانَت مَرْيَم من أَوْلَاد هَارُون. وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن هَارُون كَانَ رجلا فَاسِقًا فِي بني إِسْرَائِيل عَظِيم الْفسق، فشبهوها بِهِ.
وَفِي الْآيَة قَول رَابِع: أَن هَارُون كَانَ أَخا مَرْيَم لأَبِيهَا، فعلى هَذَا المُرَاد من الْأُخوة فِي النّسَب.
وَقَوله: ﴿مَا كَانَ أَبوك امْرأ سوء وَمَا كَانَت أمك بغيا﴾ أَي: زَانِيَة. وَمَعْنَاهُ: كَيفَ جِئْت مفْسدَة زَانِيَة من أبوين صالحين؟
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ﴾ مَعْنَاهُ: فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ أَي: كَلمُوهُ. قَالَ ابْن مَسْعُود: لما لم يكن لَهَا حجَّة أشارت إِلَيْهِ؛ لتبرىء ساحتها، وَيكون كَلَامه حجَّة (لَهَا).
وَفِي الْقِصَّة: أَنَّهَا لما أشارت إِلَيْهِ غضب الْقَوْم، وَقَالُوا: مَعَ مَا فعلت تهزئين وتسخرين بِنَا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿قَالُوا كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا﴾ فَإِن قيل: أيش معنى قَوْله: ﴿كَانَ فِي المهد صَبيا﴾، وَمَا من رجل من الْعَالم إِلَّا كَانَ فِي المهد صَبيا؟ ! وَالْجَوَاب عَنهُ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كَانَ صلَة، وَمعنى الْآيَة: كَيفَ نُكَلِّم صَبيا فِي المهد؟. وَقَالَ الزّجاج: هَذَا على طَرِيق الشَّرْط، أَي: من هُوَ صبي فِي المهد كَيفَ نكلمه؟.
وَمعنى " كَانَ ": هُوَ، أَو معنى " كَانَ ": صَار، وَهَذَا اخْتِيَار [ابْن] الْأَنْبَارِي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ إِنِّي عبد الله﴾ فِي التَّفْسِير: أَن مَرْيَم لما أشارت إِلَيْهِ فَكَانَ يرتضع من ثديها فَترك الثدي، وَأَقْبل على (الْقَوْم، واتكأ على) يسَاره، وَجعل يُشِير بِيَمِينِهِ، وَقَالَ هَذَا القَوْل.
وَقَوله: ﴿إِنِّي عبد الله﴾ أقرّ بالعبودية أَولا؛ لِئَلَّا يتَّخذ إِلَهًا.


الصفحة التالية
Icon