( ﴿٣٢) وَالسَّلَام عَليّ يَوْم ولدت وَيَوْم أَمُوت وَيَوْم أبْعث حَيا (٣٣) ذَلِك عِيسَى ابْن مَرْيَم قَول الْحق الَّذِي فِيهِ يمترون (٣٤) مَا كَانَ لله أَن يتَّخذ من ولد سُبْحَانَهُ إِذا قضى أمرا فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كن فَيكون (٣٥) ﴾
وَقَوله: ﴿وَلم يَجْعَلنِي جبارا شقيا﴾ الْجَبَّار: المتكبر، والشقي هُوَ الَّذِي يَعْصِي الله، وَيُقَال: الْجَبَّار هُوَ الَّذِي يقتل، وَيضْرب على الْغَضَب، وَهَذَا قَول مَعْرُوف، وَيُقَال: الْجَبَّار هُوَ الَّذِي يظلم النَّاس، والشقي هُوَ الَّذِي يُذنب، وَلَا يَتُوب من الذَّنب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالسَّلَام عَليّ يَوْم ولدت﴾ مَعْنَاهُ: التَّحِيَّة وَالْحِفْظ من الله لي يَوْم ولدت ﴿وَيَوْم أَمُوت وَيَوْم أبْعث حَيا﴾ وَقَالَ بَعضهم: السَّلَام بِمَعْنى السَّلامَة عِنْد الْولادَة، هُوَ السَّلامَة من طعن الشَّيْطَان وهمزه، والسلامة عِنْد الْمَوْت هُوَ من الشّرك، فَإِن أَكثر الشّرك يكون عِنْد الْمَوْت، والسلامة يَوْم الْقِيَامَة من الْأَهْوَال.
وَقيل: السَّلامَة عِنْد الْمَوْت من ضغطة الْقَبْر، وَقيل: سَلامَة عِنْد الْمَوْت بالوصول إِلَى السَّعَادَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذَلِك عِيسَى ابْن مَرْيَم﴾ يَعْنِي: هَذَا عِيسَى ابْن مَرْيَم ﴿قَول الْحق الَّذِي فِيهِ يمترون﴾. يَعْنِي: هَذَا القَوْل هُوَ القَوْل الْحق، وَقَوله ﴿الَّذِي فِيهِ يمترون﴾ أَي: يَخْتَلِفُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لله أَن يتَّخذ من ولد﴾ مَعْنَاهُ: مَا يصلح لله، وَمَا يَنْبَغِي أَن يتَّخذ من ولد. فَإِن قيل: هلا قَالَ ولدا؟ قُلْنَا: قَالَ من ولد للْمُبَالَغَة؛ فَإِن الرجل قد يَقُول: مَا اتخذ فلَان فرسا يُرِيد الْعدَد، وَإِن كَانَ قد اتخذ وَاحِدًا. فَإِذا قَالَ: مَا اتخذ فلَان من فرس، يكون ذَلِك نفيا للْوَاحِد وَالْعدَد. وَقد بَينا أَن الْوَلَد يكون من جنس الْوَالِد، وَالله لَا جنس لَهُ.
وَقَوله سُبْحَانَهُ: ﴿إِذا قضى أمرا﴾ قد بَينا معنى الْقَضَاء.
وَقَوله: ﴿فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كن فَيكون﴾ قد ذكرنَا أَيْضا.


الصفحة التالية
Icon