( ﴿٥١) وناديناه من جَانب الطّور الْأَيْمن وقربناه نجيا (٥٢) وَوَهَبْنَا لَهُ من رَحْمَتنَا أَخَاهُ هَارُون نَبيا (٥٣) وَاذْكُر فِي الْكتاب إِسْمَاعِيل إِنَّه كَانَ صَادِق الْوَعْد وَكَانَ رَسُولا نَبيا﴾
وَقَوله: ﴿وقربناه نجيا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: أدناه حَتَّى سمع صرير الْقَلَم، وَقيل: صريف الْقَلَم. وَفِي رِوَايَة: رَفعه على الْحجب.
وَيُقَال: قربناه نجيا أَي: كلمناه، والتقريب هَا هُنَا هُوَ التَّكَلُّم، وَأما النجي فَهُوَ المناجي، وَكَأن مَعْنَاهُ على هَذَا القَوْل: أَن الله يكلمهُ، وَهُوَ يكلم الله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ من رَحْمَتنَا أَخَاهُ هَارُون نَبيا﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: إِنَّمَا سمى نبوة هَارُون هبة لمُوسَى؛ لِأَن مُوسَى كَانَ قَالَ: ﴿وَاجعَل لي وزيرا من أَهلِي هَارُون أخي﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب إِسْمَاعِيل﴾. الْأَكْثَرُونَ أَن هَذَا: إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم أَبُو النَّبِي، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ إِسْمَاعِيل بن حزقيل، نَبِي آخر؛ فَإِن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم توفّي قبل إِبْرَاهِيم. وَالصَّحِيح هُوَ القَوْل الأول، وَقد كَانَ بعث إِلَى جرهم [وَهِي] قَبيلَة، وَأما وَفَاته قبل إِبْرَاهِيم لَا تعرف.
وَقَوله: ﴿إِنَّه كَانَ صَادِق الْوَعْد﴾ قَالَ سُفْيَان: لم يعد الله شَيْئا من نَفسه إِلَّا وفى بِهِ، وَمن الْمَعْرُوف أَنه وعد إنْسَانا شَيْئا فأنتظره ثَلَاثَة أَيَّام فِي مَكَان وَاحِد، فَسُمي صَادِق الْوَعْد، وَيُقَال: انتظره حولا.
وَعَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَنه قَالَ: إِن للكذاب أطرافا، وَأعظم الْكَذِب إخلاف المواعيد، واتهام الأبرياء.
وَفِي بعض الْأَخْبَار: " أَن النَّبِي بَايع رجلا قبل الْوَحْي، فَقَالَ لَهُ ذَلِك الرجل: مَكَانك يَا مُحَمَّد، حَتَّى أرجع إِلَيْك، وَذهب وَنسي، ثمَّ مر بذلك الْمَكَان بعد ثَلَاثَة أَيَّام، فَوجدَ النَّبِي جَالِسا، فَقَالَ لَهُ النَّبِي: أتعبتني أَيهَا الرجل، أَنا أنتظرك


الصفحة التالية
Icon