﴿فِي الضَّلَالَة فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يوعدون إِمَّا الْعَذَاب وَإِمَّا السَّاعَة فسيعلمون من هُوَ شَرّ مَكَانا وأضعف جندا (٧٥) وَيزِيد الله الَّذين اهتدوا هدى والباقيات الصَّالِحَات خير عِنْد رَبك ثَوابًا وَخير مردا (٧٦) أفرءيت الَّذِي كفر بِآيَاتِنَا﴾ ﴿ورئيا﴾ بِالْهَمْز هُوَ المنظرة، وَأما بِغَيْر الْهَمْز هُوَ من النِّعْمَة. وَأما الزي هُوَ الهيأة. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: [وَأحسن رئيا] هُوَ حسن الصُّورَة. وَقيل: الرّيّ من الارتواء، والمتنعم يظْهر فِيهِ ارتواء النِّعْمَة، وَالْفَقِير يظْهر عَلَيْهِ ذبول الْبُؤْس والفقر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل من كَانَ فِي الضَّلَالَة فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا﴾ هَذَا أَمر بِمَعْنى الْخَبَر، وَمَعْنَاهُ: أَن الله تَعَالَى يتركهم فِي الْكفْر، ويمهلهم فِيهِ.
وَقَوله: ﴿حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يوعدون إِمَّا الْعَذَاب وَإِمَّا السَّاعَة﴾ الْعَذَاب: هُوَ الْقَتْل والأسر فِي الدُّنْيَا، والساعة: الْقِيَامَة. وَمَعْنَاهُ: لَو نصر عَلَيْهِم الْمُؤْمِنُونَ فِي الدُّنْيَا فَقتلُوا وأسروا، أَو جَاءَتْهُم السَّاعَة، فأدخلوا النَّار ﴿فسيعلمون﴾ عِنْد ذَلِك ﴿من هُوَ شَرّ مَكَانا﴾ أَي: منزلا ﴿وأضعف جندا﴾ أَي: ناصرا.
وَقَوله: ﴿وأضعف جندا﴾ يرجع إِلَى الدُّنْيَا، وَقَوله: ﴿شَرّ مَكَانا﴾ يرجع إِلَى الْآخِرَة.
﴿وَيزِيد الله الَّذين اهتدوا هدى﴾ يَعْنِي: يَقِينا على يقينهم، ورشدا على رشدهم.
وَقَوله: ﴿والباقيات الصَّالِحَات﴾ قيل: إِنَّهَا الصَّلَوَات الْخمس، وَقيل: هِيَ الْأَذْكَار الَّتِي قلناها، وَقد بَينا.
وَقَوله: ﴿خير عِنْد رَبك ثَوابًا﴾ أَي: جَزَاء ﴿وَخير مردا﴾ أَي: مرجعا. وَنقل الْكَلْبِيّ عَن ابْن عَبَّاس [أَن] زِيَادَة الْهدى هوالإيمان بالناسخ والمنسوخ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفَرَأَيْت الَّذِي كفر بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالا وَولدا﴾ سَبَب نزُول الْآيَة مَا روى مَسْرُوق عَن خباب [بن] الْأَرَت قَالَ: " كنت قينا وحدادا بِمَكَّة، فَعمِلت للعاص بن وَائِل السَّهْمِي، فاجتمعت لي عَلَيْهِ دَرَاهِم، فَجِئْته أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لَا


الصفحة التالية
Icon