﴿سنكتب مَا يَقُول ونمد لَهُ من الْعَذَاب مدا (٧٩) ونرثه مَا يَقُول ويأتينا فَردا (٨٠) وَاتَّخذُوا من دون الله آلِهَة ليكونوا لَهُم عزا (٨١) كلا سيكفرون بعبادتهم وَيَكُونُونَ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿كلا سنكتب مَا يَقُول﴾ قَوْله: ﴿كلا﴾ يَعْنِي: لَيْسَ الْأَمر على مَا زعم الْعَاصِ بن وَائِل، ثمَّ قَالَ: ﴿سنكتب مَا يَقُول﴾ أَي: يَأْمر الْمَلَائِكَة حَتَّى يكتبوا.
وَقَوله: ﴿ونمد لَهُ من الْعَذَاب مدا﴾ أَي: نطيل مُدَّة عَذَابه.
وَقَوله: ﴿ونرثه مَا يَقُول﴾ قَرَأَ ابْن مَسْعُود: " ونرثه مَا عِنْده " فَإِن قيل: القَوْل كَيفَ يُورث وَالْمَعْرُوف ﴿ونرثه مَا يَقُول﴾ ؟ ! وَالْجَوَاب عَنهُ قَالَ ثَعْلَب: مَعْنَاهُ: ونرثه مَا زعم أَن لَهُ مَالا وَولدا، أَي: لَا يُعْطِيهِ، وَيُعْطِي غَيره، فَيكون الْإِرْث رَاجعا إِلَى مَا تَحت القَوْل، لَا إِلَى نفس القَوْل.
وَيجوز أَن يكون معنى قَوْله: ﴿ونرثه مَا يَقُول﴾ أَي: ونرثه مَا عِنْده، على مَا قَرَأَ ابْن مَسْعُود.
وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: وَهُوَ أَن معنى قَوْله: ﴿ونرثه مَا يَقُول﴾ أَي: نَحْفَظ مَا يَقُول حَتَّى يجاز بِهِ.
وَقَوله: ﴿ويأتينا فَردا﴾ أَي: فَردا لَا أنصار لَهُ، وَلَا أعوان، وَقيل: هُوَ فِي معنى قَوْله: ﴿وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة﴾ الْآيَة وَحَقِيقَته: أَنه يأتينا وَلَا مَال لَهُ وَلَا ولد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاتَّخذُوا من دون الله آلِهَة﴾ يَعْنِي: آلِهَة يعبدونها.
وَقَوله: ﴿ليكونوا لَهُم عزا﴾ أَي: مَنْعَة، وَمعنى المنعة: أَنهم يمتنعون بهَا من الْعَذَاب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كلا﴾ أَي: لَيْسَ الْأَمر كَمَا زَعَمُوا.
وَقَوله: ﴿سيكفرون بعبادتهم﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن الْأَصْنَام وَالْمَلَائِكَة


الصفحة التالية
Icon