﴿عَلَيْهِم ضدا (٨٢) ألم تَرَ أَنا أرسلنَا الشَّيَاطِين على الْكَافرين تؤزهم أزا (٨٣) فَلَا تعجل عَلَيْهِم إِنَّمَا نعد لَهُم عدا (٨٤) يجحدون عِبَادَتهم، وَالْقَوْل الآخر: أَن الْمُشْركين يُنكرُونَ عبَادَة الْأَصْنَام وَالْمَلَائِكَة.
فَإِن قيل: مَا عرف فِي الْمُشْركين أحد كَانَ يعبد الْمَلَائِكَة؟ قُلْنَا: لَيْسَ كَذَلِك، فَإِنَّهُ كَانَ بطن من الْعَرَب يسمون: بني الْمليح، كَانُوا يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة.
وَقَوله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضدا﴾
أَي: بلَاء. وَقيل: أَعدَاء.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ألم تَرَ أَنا أرسلنَا الشَّيَاطِين على الْكَافرين﴾ فَإِن قيل: أتقولون: إِن الشَّيَاطِين مرسلون، وَالله قَالَ: ﴿وَسَلام على الْمُرْسلين﴾ فَإِذا كَانُوا مرسلين وَجب أَن يدخلُوا فِي جُمْلَتهمْ؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَنه لَيْسَ معنى الْإِرْسَال هَاهُنَا هُوَ الْإِرْسَال الَّذِي يؤجد فِي الْأَنْبِيَاء، وَلَكِن معنى الْإِرْسَال هَاهُنَا أحد الشَّيْئَيْنِ: إِمَّا التَّخْلِيَة بَينهم وَبَين الْكفَّار، وَإِمَّا التسليط على الْكفَّار.
وَقَوله: ﴿تؤزهم أزا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: تزعجهم إزعاجا، كَأَنَّهُ يحركهم ويحثهم وَيَقُول: اقدموا على الْكفْر. والهز والأز: هُوَ التحريك، وَفِي الْخَبَر: " أَن النَّبِي كَانَ يُصَلِّي، وبجوفه أزيز كأزيز الْمرجل " أَي: حَرَكَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا تعجل عَلَيْهِم﴾ يَعْنِي: لَا تعجل بِطَلَب عقوبتهم.
وَقَوله: ﴿إِنَّمَا نعد لَهُم عدا﴾ قَالَ الْكَلْبِيّ: هُوَ عد الْأَيَّام. وَقَالَ غَيره: عد السَّاعَات.
وَعَن الْحسن: عد الأنفاس. وَقيل لبَعض الصَّالِحين: إِنَّمَا أيامك أنفاس مَعْدُودَة، فَقَالَ: من صِحَة الْعدَد أَخَاف.
وروى الْأَصْمَعِي عَن أَبِيه أَنه قَالَ: رَأَيْت رجلا على بَاب الْبَصْرَة أَيَّام الطَّاعُون يعد


الصفحة التالية
Icon