﴿إِن كل من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا (٩٣) لقد أحصاهم وعدهم عدا (٩٤) وَكلهمْ آتيه يَوْم الْقِيَامَة فَردا (٩٥) إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ﴾
وَقَوله: ﴿إِن كل من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: مَا كل من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض.
وَقَوله: ﴿إِلَّا آتٍ الرَّحْمَن عبدا﴾
وَقد أجمع أهل الْعلم أَن الْبُنُوَّة مَعَ الْعُبُودِيَّة لَا يَجْتَمِعَانِ، وَمن اشْترى ابْنه يعْتق عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يصلح أَن يكون ابْنا وعبدا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لقد أحصاهم وعدهم عدا﴾ أَي: يعلمهُمْ، وَعلم عَددهمْ.
وَقَوله: ﴿وَكلهمْ آتيه يَوْم الْقِيَامَة فَردا﴾ قد بَينا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا﴾ أَي: محبَّة. قَالَ مُجَاهِد: يُحِبهُمْ الله، ويحببهم إِلَى الْمُؤمنِينَ. وَقيل: يحب بَعضهم بَعْضًا. وَفِي بعض الْآثَار: أَن الله تَعَالَى جعل مَعَ الْإِيمَان الْمحبَّة [والشفقة] والألفة ".
وَقد ثَبت عَن النَّبِي بِرِوَايَة أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: " إِذا أحب الله عبدا يُنَادي جِبْرِيل، فَيَقُول: أَنا أحب فلَانا فَأَحبهُ، فينادي فِي أهل السَّمَاء: إِن الله يحب فلَانا فَأَحبُّوهُ، ثمَّ يوضع لَهُ الْمحبَّة فِي الأَرْض - وَفِي رِوَايَة " الْقبُول " - وَإِذا أبْغض عبدا يُنَادي جِبْرِيل فَيَقُول: أَنا أبْغض فلَانا فَأَبْغضهُ، فينادي فِي أهل السَّمَاء: إِن الله يبغض فلَانا فَأَبْغضُوهُ، ثمَّ يوضع لَهُ البغض فِي الأَرْض ". خرجه مُسلم فِي الصَّحِيح.
وَحكى الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس: أَن الْآيَة نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ، وَالْمرَاد مِنْهُ: مَوَدَّة أهل الْإِيمَان لَهُ.


الصفحة التالية
Icon