﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودي يَا مُوسَى (١١) إِنِّي أَنا رَبك فاخلع نعليك إِنَّك بالواد الْمُقَدّس طوى (١٢) وَأَنا اخْتَرْتُك فاستمع لما يُوحى (١٣) إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني وأقم﴾ فَنُوديَ: يَا مُوسَى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودي يَا مُوسَى﴾ قد بَينا.
وَقَوله: ﴿إِنِّي أَنا رَبك﴾ رُوِيَ أَن مُوسَى لما سمع قَوْله: ﴿يَا مُوسَى﴾ قَالَ: من الَّذِي يكلمني؟ قَالَ: ﴿إِنِّي أَنا رَبك﴾.
فَإِن قيل: بِمَ عرف كَلَام الله عز وَعلا؟ قُلْنَا: سمع كلَاما لَا يشبه كَلَام المخلوقين، وَرُوِيَ أَنه سمع من جَمِيع جوانبه.
وَقَوله: ﴿فاخلع نعليك﴾ اخْتلف القَوْل أَنه لم أمره بخلع نَعْلَيْه؟ وَرُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: كَانَتَا من جلد حمَار ميت، وَهَذَا قَول كَعْب.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه أمره بخلع نَعْلَيْه: ليباشر الْوَادي بقدميه، وَهَذَا قَول مُجَاهِد، وَقد جرت عَادَة الْمُسلمين أَنهم يخلعون نعَالهمْ إِذا بلغُوا الْمَسْجِد الْحَرَام لِلْحَجِّ، ويطوفون حُفَاة.
وَقَوله: ﴿إِنَّك بالوادي الْمُقَدّس﴾ أَي: المطهر، قَالَ الشَّاعِر:
(وَأَنت وُصُول للأقارب مَدَرَة | ترَاءى من الْآفَات إِنِّي مقدس) |
وَقيل: معنى الْمُقَدّس، أَي: الْمُبَارك فِيهِ.
وَقَوله: ﴿طوى﴾ عَامَّة الْمُفَسّرين أَنه اسْم الْوَادي، وَقيل: طوى أَي: قدس مرَّتَيْنِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنا اخْتَرْتُك﴾ أَي: اصطفيتك.
وَقَوله: ﴿فاستمع لما يُوحى﴾ أَي: لما يُوحى إِلَيْك.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني﴾ أَي: لَا أحد يسْتَحق الْعِبَادَة سواي.