﴿فَلَا يصدنك عَنْهَا من لَا يُؤمن بهَا وَاتبع هَوَاهُ فتردى (١٦) وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى (١٧) قَالَ هِيَ عصاي أتوكأ عَلَيْهَا وأهش بهَا على غنمي ولي فِيهَا مآرب آخرى (١٨) ﴾ ابْن الْأَنْبَارِي.
وَالْقَوْل الْخَامِس: ﴿أكاد أخفيها﴾ أَي: أظهرها، وَقُرِئَ: " أخفيها " بِفَتْح الْألف. وَمعنى الْإِظْهَار فِي هَذِه الْقِرَاءَة أظهر فِي اللُّغَة. قَالَ الشَّاعِر:

(فَإِن تدفنوا الدَّاء لم نخفه وَإِن تأذنوا بِحَرب لَا نقعد)
وَمعنى لَا نخفه: لم نظهره.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا يصدنك عَنْهَا﴾ أَي: فَلَا يمنعنك عَن التَّصْدِيق بهَا. ﴿من لَا يُؤمن بهَا﴾ أَي: من لَا يصدق بهَا.
وَقَوله: ﴿وَاتبع هَوَاهُ فتردى﴾ أَي: تهْلك.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى﴾ هَذَا سُؤال تَقْرِير، وَلَيْسَ بسؤال اسْتِفْهَام، وَالْحكمَة فِيهِ تثبيته وتوثيقه على أَنَّهَا عَصا، حَتَّى إِذا قَلبهَا الله حَيَّة، يعلم أَنَّهَا معْجزَة عَظِيمَة. وَهَذَا قَول على عَادَة الْعَرَب أَيْضا؛ يَقُول الرجل لغيره: هَل تعرف هَذَا؟ وَهُوَ لَا يشك أَنه يعرفهُ، وَيُرِيد بِهِ أَن يَنْضَم إِقْرَاره بِلِسَانِهِ إِلَى مَعْرفَته بِقَلْبِه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ هِيَ عصاي أتوكأ عَلَيْهَا﴾ أَي: أعْتَمد عَلَيْهَا.
وَقَوله: ﴿وأهش بهَا على غنمي﴾ أَي: أخبط بهَا (ورق الشّجر؛ لترعاه غنمي، وَقَرَأَ عِكْرِمَة: " وأهش بهَا) على غنمي " بِالسِّين غير الْمُعْجَمَة، وَالْفرق بَين الهش والهس؛ أَن الهش هُوَ خبط الشّجر، وإلقاء الْوَرق عَنهُ، والهس زجر الْغنم.
وَقَوله: ﴿ولي فِيهَا مآرب أُخْرَى﴾ أَي: حاجات أخر، وَمن تِلْكَ الْحَاجَات؛ قَالَ


الصفحة التالية
Icon