﴿سنعيدها سيرتها الأولى (٢١) واضمم يدك إِلَى جناحك تخرج بَيْضَاء من غير سوء آيَة أُخْرَى (٢٢) لنريك من آيَاتنَا الْكُبْرَى (٢٣) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْن إِنَّه طَغى (٢٤) قَالَ﴾
وَقَوله: ﴿سنعيدها سيرتها الأولى﴾. إِلَى هيئتها الأولى، وَإِنَّمَا انتصب؛ لِأَن مَعْنَاهُ: إِلَى هيئتها الأولى، فَحذف إِلَى فانتصب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿واضمم يدك إِلَى جناحك﴾. فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: إِلَى جَنْبك، وَالْآخر: إِلَى عضدك. والجناح هُوَ الْعَضُد إِلَى أصل الْإِبِط، قَالَ الشَّاعِر:
(خفضت لَهُم مني جنَاح مَوَدَّة | على كتف عطفاه أهل ومرحب) |
وَقَالَ قَتَادَة: كَانَت الْيَد لَهَا نور سَاطِع كضوء الشَّمْس وَالْقَمَر، تضئ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار.
وَقَوله: ﴿آيَة أُخْرَى﴾ أَي: دلَالَة أُخْرَى.
وَقَوله: ﴿لنريك من آيَاتنَا الْكُبْرَى﴾. أَي: الْكَبِيرَة. قَالَ ابْن عَبَّاس: أكبر الْآيَتَيْنِ يَده؛ فَكَانَ إِذا أخرجهَا من تَحت عضده، رَأَوْا لَهَا شعاعا وضياء تحار الْأَعْين فِيهَا، فَإِذا ردهَا إِلَى إبطه، وأخرجها عَادَتْ إِلَى مَا كَانَت.
وَقَوله: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْن إِنَّه طَغى﴾ أَي: جَاوز الْحَد فِي الْعِصْيَان والتمرد، وَيُقَال: كَانَ اسْمه: وليد بن مُصعب، وَكَانَ أغْنى الفراعنة الَّذين كَانُوا بِمصْر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ رب اشرح لي صَدْرِي﴾ أَي: وَسعه للحق، وَكَانَ مُوسَى يخَاف من فِرْعَوْن خوفًا شَدِيدا؛ لشدَّة شوكته، وَكَثْرَة جنده، فَضَاقَ قلبه لما بعث إِلَى فِرْعَوْن من الْخَوْف؛ فَسَأَلَ الله تَعَالَى أَن يُوسع قلبه للحق؛ فَيعلم أَنه لَا يقدر أحد أَن يعْمل بِهِ شَيْئا إِلَّا بِإِذن الله، أَو يَنَالهُ بمكروه إِلَّا بمشيئته.
وَقَوله: ﴿وَيسر لي أَمْرِي﴾ أَي: سهل عَليّ الْأَمر الَّذِي بعثتني لَهُ.