﴿كنت بِنَا بَصيرًا (٣٥) قَالَ قد أُوتيت سؤلك يَا مُوسَى (٣٦) وَلَقَد مننا عَلَيْك مرّة أُخْرَى (٣٧) إِذْ أَوْحَينَا إِلَى أمك مَا يُوحى (٣٨) أَن اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم فليلقه اليم بالسَّاحل يَأْخُذهُ عَدو لي وعدو لَهُ وألقيت عَلَيْك محبَّة مني ولتصنع على عَيْني﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ قد أُوتيت سؤلك يَا مُوسَى﴾ أَي: أَعْطَيْت جَمِيع مَا سَأَلت.
وَقَوله: ﴿وَلَقَد مننا عَلَيْك مرّة أُخْرَى﴾ أَي: أنعمنا عَلَيْك مرّة أُخْرَى سوى هَذِه الْمرة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذْ أَوْحَينَا إِلَى أمك مَا يُوحى﴾ ذكر نعمه وعددها عَلَيْهِ؛ ليعرفها، وَيزِيد فِي شكره.
وَقَوله: ﴿إِذْ أَوْحَينَا إِلَى أمك مَا يُوحى﴾ أَي: ألهمنا أمك مَا يُوحى، أَي: مَا يلهم.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أَن اقذفيه﴾ أَي: ألهمناها أَن أقذفيه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فِي التابوت﴾ هُوَ شَيْء يتَّخذ من الْخشب.
وَقَوله: ﴿فاقذفيه فِي اليم﴾ اليم: هُوَ الْبَحْر، وَيُقَال: إِن اليم هَا هُنَا هُوَ النّيل، وَالْعرب تسمي المَاء الْكثير بحرا.
رُوِيَ أَن الْمُسلمين لما وصلوا إِلَى دجلة يَوْم فتحُوا الْمَدَائِن، فَقَالُوا: كَيفَ نَفْعل، وَهَذَا الْبَحْر بَيْننَا وَبينهمْ؟ ثمَّ إِنَّهُم ارتطموا دجلة بخيولهم، وخاضوا الْقِصَّة إِلَى آخرهَا.
وَقَوله: ﴿فليلقه اليم بالسَّاحل﴾ فِي الْقِصَّة: أَن المَاء أَلْقَاهُ إِلَى مشرعة دَار فِرْعَوْن، وَرُوِيَ أَنَّهَا ألقته فِي النّيل، وألقاه النّيل فِي الْبَحْر، ثمَّ إِن الْبَحْر أَلْقَاهُ بالسَّاحل.
وَقَوله: ﴿وألقيت عَلَيْك محبَّة مني﴾ قَالَ عِكْرِمَة: لم يره أحد إِلَّا أحبه، وَقَالَ قَتَادَة: ملاحة فِي عَيْنَيْهِ تَأْخُذ (بالقلوب).
وَقَوله: ﴿ولتصنع على عَيْني﴾ أَي: تربى وتغذى على نظر مني، وَهُوَ مثل قَوْله