( ﴿٣٩) إِذْ تمشي أختك فَتَقول هَل أدلكم على من يكفله فرجعناك إِلَى أمك كي تقر عينهَا وَلَا تحزن وَقتلت نفسا فنجيناك من الْغم وَفَتَنَّاك فُتُونًا﴾ تَعَالَى: ﴿واصنع الْفلك بأعيننا﴾ فَإِن قيل: مَا من أحد فِي الْعَالم إِلَّا وَهُوَ يربى وَيغدى بمرأى من الله وَنظر مِنْهُ، فَأَي معنى لتخصيص مُوسَى؟ وَالْجَوَاب: أَن الله تَعَالَى فعل فِي اللطف فِي تربية مُوسَى مَا لم يفعل فِي تربية غَيره، فالتخصيص إِشَارَة إِلَى ذَلِك اللطف.
وَقَوله: ﴿إِذْ تمشي أختك﴾ سنذكر هَذَا فِي سُورَة الْقَصَص، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿فَتَقول هَل أدلكم على من يكفله﴾ يَعْنِي: على امْرَأَة ترْضِعه، وتضمه إِلَيْهَا.
وَقَوله: ﴿فرجعناك إِلَى أمك﴾ أَي: فرددناك.
وَقَوله: ﴿إِلَى أمك كي تقر عينهَا﴾ قد بَينا معنى قُرَّة الْعين، وَهُوَ إِشَارَة إِلَى فرحها وسرورها بِوُجُودِهِ.
وَقَوله: ﴿وَلَا تحزن﴾ أَي: يذهب عَنْهَا الْحزن.
وَقَوله: ﴿وَقتلت نفسا﴾ أَي: القبطي، وسنذكره من بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿فنجيناك من الْغم﴾ أَي: من الْقَتْل، وَقيل: من غم التابوت، وغم الْبَحْر.
وَقَوله: ﴿وَفَتَنَّاك فُتُونًا﴾ أَي: ابتليناك مرّة بعد مرّة، وَقيل: بلَاء بعد بلَاء، وَيُقَال: أخلصناك إخلاصا. من الْمَشْهُور الْمَعْرُوف أَن سعيد بن جُبَير، سَأَلَ عبد الله بن عَبَّاس عَن قَوْله: ﴿وَفَتَنَّاك فُتُونًا﴾ فَقَالَ: تَغْدُو على غَدا، فَلَمَّا جَاءَهُ من الْغَد، أَخذ مَعَه فِي قصَّة مُوسَى من أَولهَا، وَجعل يعد عَلَيْهِ شَيْئا فَشَيْئًا من وِلَادَته فِي سنة قتل الْأَبْنَاء، وَمن إلقائه فِي المَاء، وَجعله فِي التابوت، ووقوعه فِي يَد فِرْعَوْن، ولطمه وَجهه، وَأَخذه