﴿يَا مُوسَى (٤٩) قَالَ رَبنَا الَّذِي أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى (٥٠) قَالَ فَمَا بَال الْقُرُون الأولى (٥١) قَالَ علمهَا عِنْد رَبِّي فِي كتاب لَا يضل رَبِّي وَلَا ينسى (٥٢) الَّذِي﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ فَمن رَبكُمَا يَا مُوسَى﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿قَالَ رَبنَا الَّذِي أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى﴾ قَالَ الْحسن: أعْطى كل شَيْء مَا يصلحه، ثمَّ هداه إِلَيْهِ. وَقَالَ مُجَاهِد: مَعْنَاهُ أعْطى كل شَيْء صُورَة، ثمَّ هداه إِلَى مَنَافِعه من الْمطعم وَالْمشْرَب والمنكح.
وَفِيه قَول ثَالِث: وَهُوَ أَنه أعْطى كل حَيَوَان زوجه، ثمَّ هداه إِلَى مأتاه، وكل ذكر يَهْتَدِي كَيفَ يَأْتِي الْأُنْثَى. وَرُوِيَ عَن أبس سابط أَنه قَالَ: أبهمت الْبَهَائِم إِلَّا عَن أَربع: تعرف خَالِقهَا، وتطلب رزقها، وتدفع عَن نَفسهَا، وتعرف كَيفَ يَأْتِي (أنثاه).
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ فَمَا بَال الْقُرُون الأولى﴾ مَعْنَاهُ: فَمَا حَال الْقُرُون الأولى، وَأَرَادَ بِهِ مَا حَالهم فِيمَا دعوتني إِلَيْهِ؟
وَقيل: لما دَعَاهُ مُوسَى إِلَى الْإِقْرَار بِالْبَعْثِ سَأَلَ وَقَالَ: مَا حَال الْقُرُون الأولى فِي الْبَعْث؟ وَيُقَال: إِنَّه انْصَرف إِلَى هَذَا الْكَلَام تعنتا، وعدولا عَن الْجَواب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ علمهَا عِنْد رَبِّي﴾ أَي: علم الْقُرُون الأولى عِنْد رَبِّي.
[قَوْله: ﴿فِي كتاب﴾ قَالَ الْكَلْبِيّ: هُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ].
وَقَوله: ﴿لَا يضل رَبِّي﴾ أَي: لَا يخطىء رَبِّي، وَقَالَ ثَعْلَب: لَا يذهب عَلَيْهِ مَوْضِعه، وَقيل: لَا يغيب عَن رَبِّي، وَقَرَأَ الْحسن: " لَا يضل رَبِّي " بِرَفْع الْيَاء، من الإضلال، وَيُقَال: لَا يضل رَبِّي: لَا يغْفل عَنهُ رَبِّي.
وَقَوله: ﴿وَلَا ينسى﴾ أَي: لَا يتْركهُ، فينتقم من الْكَافِر، ويجازي الْمُؤمن، وَيُقَال: