﴿لترضى (٨٤) قَالَ فَإنَّا قد فتنا قَوْمك من بعْدك وأضلهم السامري (٨٥) فَرجع مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا قَالَ يَا قوم ألم يَعدكُم ربكُم وَعدا حسنا أفطال عَلَيْكُم الْعَهْد أم أردتم أَن يحل عَلَيْكُم غضب من ربكُم فأخلفتم موعدي (٨٦) قَالُوا مَا﴾ تعجل شوقا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ فَإنَّا قد فتنا قَوْمك من بعْدك﴾ أَي: أوقعناهم فِي الْفِتْنَة.
قَوْله: ﴿وأضلهم السامري﴾ أَي: ضلوا بِسَبَبِهِ، وَقد بَينا طرفا من هَذِه الْقِصَّة فِي سُورَة الْأَعْرَاف. وَحكي عَن وهب بِإِسْنَادِهِ عَن رَاشد بن سعد أَن الله تَعَالَى لما قَالَ لَهُ هَذَا القَوْل قَالَ: يَا رب، من صاغ الْعجل؟ قَالَ: السامري، قَالَ: فَمن أَحْيَاهُ وَأظْهر مِنْهُ الخوار؟ قَالَ: أَنا، قَالَ: فَأَنت أضللتهم يَا رب، فَقَالَ الله تَعَالَى لَهُ: يَا (رَأس) النَّبِيين، أَنا رَأَيْت ذَلِك فِي قُلُوبهم فسهلته عَلَيْهِم.
وَقَوله: ﴿فَرجع مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا﴾ أَي: شَدِيد الْحزن لما أصَاب قومه من الْفِتْنَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ يَا قوم ألم يَعدكُم ربكُم وَعدا حسنا﴾ مَعْنَاهُ: مَا وعد من إِنْزَال الْكتاب، وَمن التنجية من فِرْعَوْن وَقَومه، وَغير هَذَا مِمَّا وعد وحقق.
وَقَوله: ﴿أفطال عَلَيْكُم الْعَهْد﴾ كَانَ مُوسَى وعد أَن يعود بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَلَمَّا مَضَت عشرُون يَوْمًا، عدوا النَّهَار عشْرين، وَاللَّيْل عشْرين، وَقَالُوا قد مضى الْوَعْد.
وَقَوله: ﴿أم أردتم أَن يحل عَلَيْكُم غضب من ربكُم﴾. أَي: أردتم أَن تَفعلُوا فعلا يجب عَلَيْكُم الْغَضَب من ربكُم.
وَقَوله: ﴿فأخلفتم موعدي﴾ (أَو) وعدي.