﴿أضغاث أَحْلَام وَمَا نَحن بِتَأْوِيل الأحلام بعالمين (٤٤) وَقَالَ الَّذِي نجا مِنْهُمَا وادكر﴾ " إِذا تقَارب الزَّمَان لم تكد رُؤْيا الْمُؤمن تكذب " وَله مَعْنيانِ: أَحدهمَا: أَن تقَارب الزَّمَان هُوَ اسْتِوَاء اللَّيْل وَالنَّهَار؛ والطباع عِنْد اسْتِوَاء اللَّيْل وَالنَّهَار أصح؛ فالرؤيا أصدق. وَالْمعْنَى الثَّانِي: أَن تقَارب الزَّمَان هُوَ تقَارب السَّاعَة. وَقد رُوِيَ فِي بَدْء وَحي النَّبِي: " أَنه كَانَ إِذا رأى الرُّؤْيَا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح ".
وَقَوله: ﴿إِن كُنْتُم للرؤيا تعبرون﴾ يُقَال: عبرت الرُّؤْيَا: إِذا فسرتها، وَالتَّعْبِير هُوَ التَّفْسِير هَاهُنَا.
قَوْله تَعَالَى ﴿قَالُوا أضغاث أَحْلَام﴾ الضغث: كل مَا قبض عَلَيْهِ من الأخلاط من الْحَشِيش وَغَيره. وَمعنى الْآيَة: رُوِيَ عَن قَتَادَة أَنه قَالَ: أضغاث أَحْلَام أَي: أخلاط أَحْلَام. وَعَن مُجَاهِد قَالَ: أهاويل أَحْلَام، وَقيل: أباطيل أَحْلَام. وَقَوله: ﴿وَمَا نَحن بِتَأْوِيل الأحلام بعالمين﴾ (وَمَعْنَاهُ) : وَمَا نَحن بِتَأْوِيل الأحلام (الَّتِي) وصفتها هَذِه بعالمين.
قَوْله: ﴿وَقَالَ الَّذِي نجا مِنْهُمَا وادكر بعد أمة﴾ أَي: مُدَّة، [و] فِي الْقِصَّة: أَن الْملك جمع السَّحَرَة والكهنة والمعبرين وقص عَلَيْهِم رُؤْيَاهُ، فَلَمَّا عجزوا عَن تعبيرها اهتم هما شَدِيدا، فَتذكر الْغُلَام الساقي حَال يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام، وَقد كَانَ فجىء بقوله، فجثى بَين يَدي الْملك وَقَالَ: إِن فِي السجْن رجلا مَحْبُوسًا وَهُوَ يعبر الرُّؤْيَا، وَذكر قصَّته؛ فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿وَقَالَ الَّذِي نجا مِنْهُمَا وَاذْكُر بعد أمة﴾ وَالْأمة هَاهُنَا بِمَعْنى الْحِين؛ وَقد بَينا أَنه حبس سبع سِنِين بعد مَا عبر رُؤْيا صَاحب الْملك. وَعَن وهب