﴿قَالَ فَمَا خَطبك يَا سامري (٩٥) قَالَ بصرت بِمَا لم يبصروا بِهِ فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول فنبذتها وَكَذَلِكَ سَوَّلت لي نَفسِي (٩٦) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِن لَك فِي﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ فَمَا خَطبك يَا سامري﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: لما اعتذر هَارُون بِمَا اعتذر بِهِ أقبل مُوسَى على السامري، فَقَالَ: ﴿مَا خَطبك يَا سامري﴾ والخطب هُوَ: الْجَلِيل من الْأَمر، وَمعنى الْآيَة: مَا هَذَا الْأَمر الْعَظِيم الَّذِي جِئْت بِهِ؟
وَقَوله: ﴿قَالَ بصرت بِمَا لم يبصروا بِهِ﴾ رَأَيْت بِمَا لم يرَوا، وَيُقَال: فطنت بِمَا لم يفطنوا بِهِ.
وَقَوله: ﴿فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول﴾ الْمَعْرُوف: بالضاد الْمُعْجَمَة، وَقَرَأَ الْحسن الْبَصْرِيّ: " فقبصت " بالصَّاد غير الْمُعْجَمَة، وَالْفرق بَينهمَا أَن الْقَبْض: هُوَ الْأَخْذ بملء الْكَفّ، والقبص هُوَ الْأَخْذ بأطراف الْأَصَابِع.
وَقَوله: ﴿من أثر الرَّسُول﴾ يَعْنِي: من تُرَاب حافر فرس جِبْرِيل، فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ عرف هَذَا؟ وَكَيف رأى جِبْرِيل من بَين سَائِر النَّاس؟ وَالْجَوَاب عَنهُ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن أمه لما وَلدته فِي السّنة الَّتِي كَانَ يقتل فِيهَا الْأَنْبِيَاء، وَضعته فِي كَهْف حذرا عَلَيْهِ، فَبعث الله جِبْرِيل ليربيه ويغذيه لما قضى الله على يَده من الْفِتْنَة، فَلَمَّا رَآهُ عرفه وَأخذ التُّرَاب، وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن جِبْرِيل كَانَ على فرس حصان أبلق، وَكَانَ ذَلِك الْفرس تسمى فرس الْحَيَاة، وَكَانَ كلما وضع (الْفرس) حَافره على مَوضِع أَخْضَر مَا تَحت حَافره، فَعرف أَنه فرس الْحَيَاة، وَكَانَ سمع بِذكرِهِ، وَأَن الَّذِي عَلَيْهِ جِبْرِيل، فَأخذ القبضة.
وَقَوله: ﴿فنبذتها﴾ أَي: ألقيتها فِي فَم الْعجل، وَقد قَالَ بَعضهم: إِنَّمَا خار الْعجل لهَذَا؟ وَهُوَ أَن التُّرَاب كَانَ مأخوذا من تَحت فرس الْحَيَاة.
وَقَوله: ﴿وَكَذَلِكَ سَوَّلت لي نَفسِي﴾ أَي: زينت لي نَفسِي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِن لَك فِي الْحَيَاة أَن تَقول لَا مساس﴾ أَي: لَا أمس لَا