﴿فِيهِ وساء لَهُم يَوْم الْقِيَامَة حملا (١٠١) يَوْم ينْفخ فِي الصُّور ونحشر الْمُجْرمين يَوْمئِذٍ زرقا (١٠٢) يتخافتون بَينهم إِن لبثتم إِلَّا عشرا (١٠٣) نَحن أعلم بِمَا يَقُولُونَ﴾
وَقَوله: ﴿خَالِدين فِيهَا﴾ أَي: مقيمين فِي عَذَاب الْوزر.
وَقَوله: ﴿وساء لَهُم يَوْم الْقِيَامَة حملا﴾ أَي: بئس الْوزر حملهمْ يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿يَوْم ينْفخ فِي الصُّور﴾ وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو: " وَيَوْم ننفخ فِي الصُّور " وَاسْتدلَّ بِمَا عطف عَلَيْهِ من قَوْله: ﴿ونحشر الْمُجْرمين﴾ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: ﴿يَوْم ينْفخ فِي الصُّور﴾ وَهَذَا هُوَ الأولى، وَقد بَينا معنى الصُّور من قبل.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿ونحشر الْمُجْرمين يَوْمئِذٍ زرقا﴾ قَالَ الْحسن وَقَتَادَة وَجَمَاعَة: عميا. فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ يَسْتَقِيم هَذَا، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة﴾ وَالله تَعَالَى إِنَّمَا خلقهمْ بصرا؛ وَالْجَوَاب: أَنه حُكيَ عَن ابْن عَبَّاس أَن فِي الْقِيَامَة تارات وحالات فيحشرون بصرا ثمَّ يعمون. وَالْقَوْل الثَّانِي فِي قَوْله: ﴿زرقا﴾ : أَنه خضرَة الْعين، فيحشر الْكفَّار زرق الْأَعْين سود الْوُجُوه، وَالْقَوْل الثَّالِث: عطاشا، وَمَعْنَاهُ: وَقد تَغَيَّرت أَعينهم من شدَّة الْعَطش، وَالْقَوْل الرَّابِع: ﴿زرقا﴾ أَي: شاخصة أَبْصَارهم من عظم الْخَوْف، قَالَ الشَّاعِر:

(لقد زرقت عَيْنَاك يَابْنَ مكعبر كَذَا كل ضبي من اللؤم أَزْرَق)
وَالْقَوْل الْخَامِس: ﴿زرقا﴾ أَي: أحد الْبَصَر؛ لِأَن الْأَزْرَق يكون أحد بصرا.
وَقَوله: ﴿يتخافتون بَينهم﴾ أَي: يتساررون، ويتكلمون خُفْيَة.
وَقَوله: ﴿إِن لبثتم إِلَّا عشرا﴾ أَي: مَا لبثتم إِلَّا عشرا، وَقد قَالَ بَعضهم: هَذَا فِي " الْقَبْر "، وَقَالَ بَعضهم: فِي الدُّنْيَا، فَإِن قَالَ قَائِل: هَذَا كذب صَرِيح، وَقد لَبِثُوا فِي الدُّنْيَا والقبر سِنِين كَثِيرَة!، وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن من شدَّة هول الْقِيَامَة يظنون أَنهم مَا


الصفحة التالية
Icon