﴿إِذْ يَقُول أمثلهم طَريقَة إِن لبثتم إِلَّا يَوْمًا (١٠٤) ويسألونك عَن الْجبَال فَقل ينسفها رَبِّي نسفا (١٠٥) فيذرها قاعا صفصفا (١٠٦) لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتا (١٠٧) يَوْمئِذٍ يتبعُون الدَّاعِي لَا عوج لَهُ وخشعت الْأَصْوَات للرحمن فَلَا تسمع إِلَّا همسا﴾ لَبِثُوا إِلَّا هَذَا الْقدر، وَقَالَ بَعضهم: إِن الله تَعَالَى يرفع الْعَذَاب عَنْهُم بَين النفختين فيستريحون، فَقَوْلهم: ﴿إِن لبثتم إِلَّا عشرا﴾ رَاجع إِلَى هَذَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿نَحن أعلم بِمَا يَقُولُونَ﴾ مَعْنَاهُ: أَنِّي عَالم بقَوْلهمْ وَإِن خافتوا.
وَقَوله: ﴿إِذْ يَقُول أمثلهم طَريقَة﴾ تَقول الْعَرَب: فلَان أمثل قومه أَي: أعدل قومه، وَمعنى الْآيَة هَا هُنَا: أعقلهم وَخَيرهمْ طَريقَة فِي نَفسه.
وَقَوله: ﴿إِن لبثتم إِلَّا يَوْمًا﴾ أَي: مَا لبثتم إِلَّا يَوْمًا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ويسألونك عَن الْجبَال﴾ قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: سَأَلَ الْمُشْركُونَ رَسُول الله مَا يفعل الله بِهَذِهِ الْجبَال يَوْم الْقِيَامَة؟ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَقَوله: ﴿فَقل ينسفها رَبِّي نسفا﴾ النسف هُوَ الْقلع من الأَصْل، وَمعنى النسف فِي الْآيَة: هُوَ تسيير الْجبَال أَو جعلهَا هباء جعلهَا رملا سَائِلًا.
وَقَوله: ﴿فيذرها قاعا صفصفا﴾ أَي: يذر أَمَاكِن الْجبَال قاعا صفصفا، والقاع هُوَ الْمَكَان الْوَاسِع المستوي، والصفصف هُوَ الأملس الَّذِي لَا نَبَات فِيهِ.
وَقَوله: ﴿لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتا﴾ أَي: حدبا ونبكا، وَمَعْنَاهُ: انخفاضا وارتفاعا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْمئِذٍ يتبعُون الدَّاعِي﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: الدَّاعِي هَا هُنَا هُوَ إسْرَافيل يضع الصُّور فِي فِيهِ، وَيَقُول: أيتها الْعِظَام البالية، والجلود المتمزقة، واللحوم المتفرقة، هلموا إِلَى عرض الرَّحْمَن، أَو لفظ هَذَا مَعْنَاهُ.
وَقَوله: ﴿لَا عوج لَهُ﴾ أَي: لَا يزيغون يَمِينا وَلَا شمالا، وَقيل: لَا يُمكنهُم أَلا يتبعوه.
وَقَوله: ﴿وخشعت الْأَصْوَات للرحمن﴾ أَي: سكنت وخضعت، وَقَالَ قَتَادَة:


الصفحة التالية
Icon