﴿وَقد خَابَ من حمل ظلما (١١١) وَمن يعْمل من الصَّالِحَات وَهُوَ مُؤمن فَلَا يخَاف ظلما وَلَا هضما (١١٢) وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا وصرفنا فِيهِ من الْوَعيد لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ أَو يحدث لَهُم ذكرا (١١٣) فتعالى الله الْملك الْحق وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من﴾ والقائم على كل نفس بِمَا كسبت.
وَقَوله: ﴿وَقد خَابَ من حمل ظلما﴾ أَي: هلك من حمل شركا، وَحمل الشّرك هُوَ نفس الْإِشْرَاك.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن يعْمل من الصَّالِحَات وَهُوَ مُؤمن﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿فَلَا يخَاف ظلما وَلَا هضما﴾ قَوْله: ﴿ظلما﴾ أَي: يحمل عَلَيْهِ ذَنْب غَيره. ﴿وَلَا هضما﴾ أَي: لَا يخَاف أَن ينقص من حَقه، وَقيل: ظلما أَي: لَا يقبل طَاعَته، و ﴿هضما﴾ أَي: ينقص من ثَوَابه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا﴾ أَي: بِلِسَان الْعَرَب. وَقَوله: ﴿وصرفنا فِيهِ من الْوَعيد﴾ أَي: صرفنَا القَوْل فِيهِ بِذكر الْوَعيد. قَالَ قَتَادَة: هُوَ ذكر وقائع الله فِي الْأُمَم الخالية.
وَقَوله: ﴿لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ﴾ أَي: يَتَّقُونَ الشّرك والمعاصي.
وَقَوله: ﴿أَو يحدث لَهُم ذكرا﴾ أَي: يحدث لَهُم الْقُرْآن اعْتِبَارا؛ فيعتبرون بِهِ، وَقَالَ بَعضهم: يحدث لَهُم الْوَعيد ذكر الْعَذَاب؛ فينزجرون عَن الْمعاصِي. وَقَالَ بَعضهم: أَو يحدث لَهُم ذكرا أَي: شرفا لإيمانهم بِهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فتعالى الله الْملك الْحق﴾ ارْتَفع الْملك الْحق ذُو الْحق.
وَقَوله: ﴿وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه﴾ فِيهِ أَقْوَال: الْمَشْهُور مَا ذكره ابْن عَبَّاس وَغَيره، أَن النَّبِي كَانَ إِذا نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ، تَلا أول الْآيَة قبل أَن يفرغ جِبْرِيل من الإبلاغ مَخَافَة التفلت مِنْهُ وَالنِّسْيَان؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة " وَمَعْنَاهَا: لَا تعجل بِقِرَاءَة الْقُرْآن قبل أَن يفرغ جِبْرِيل من الإبلاغ. وَالْقَوْل


الصفحة التالية
Icon