﴿أَبى (١١٦) فَقُلْنَا يَا آدم إِن هَذَا عَدو لَك ولزوجك فَلَا يخرجنكما من الْجنَّة فتشقى (١١٧) إِن لَك أَلا تجوع فِيهَا وَلَا تعرى (١١٨) وَأَنَّك لَا ظمأ فِيهَا وَلَا تضحى﴾
وَقَوله: ﴿فَقُلْنَا يَا آدم إِن هَذَا عَدو لَك ولزوجك فَلَا يخرجنكما من الْجنَّة فتشقى﴾ أَي: تتعب وتنصب. وَقَالَ السّديّ: بالحرث والحصد والطحن وَالْخبْز. وَعَن سعيد بن جُبَير: أَن الله تَعَالَى أنزل عَلَيْهِ ثورا أحمرا، فَجعل يحرث، ويرشح الْعرق عَن جَبينه، فَذَلِك شقاؤه. وَرُوِيَ عَن سعيد أَنه قَالَ: جعل آدم يَسُوق الثور، وَقد تَعب، وعرق، فَقَالَ: يَا حَوَّاء، هَذَا من قبلك، فَبَقيَ ذَلِك فِي وَلَده إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، فَيَقُولُونَ عِنْد الحراثة: حوحو. ذكره ابْن فَارس فِي تَفْسِيره.
قَالَ أَبُو الْحُسَيْن بن فَارس فِي تَفْسِيره. وَعَلِيهِ الْخَبَر الْمَعْرُوف بِرِوَايَة أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ -، عَن النَّبِي قَالَ: " لَقِي آدم مُوسَى - صلوَات الله عَلَيْهِمَا - فَقَالَ: يَا آدم، أَنْت الَّذِي أشقيتنا، وأخرجتنا من الْجنَّة، فَقَالَ لَهُ آدم: يَا مُوسَى، أتلومني على أَمر قدره الله عَليّ قبل أَن أخلق.. الْخَبَر بِطُولِهِ. إِلَى أَن قَالَ: فحج آدم مُوسَى ثَلَاثًا ". وَفِي بعض الحَدِيث: أَن الله تَعَالَى لما أهبط آدم إِلَى الأَرْض قَالَ: " لأطعمنك حَتَّى يعرق جبينك، ويتعب بدنك، وفهو معنى قَوْله: ﴿فتشقى﴾. فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ لم يقل: فتشقيا، وَقد قَالَ من قبل: ﴿فَلَا يخرجنكما﴾ ؟
وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن مَعْنَاهُ: فتشقيا، وَلكنه اكْتفى بِذكر أَحدهمَا عَن الآخر، وَنَظِير هَذَا قَوْله تَعَالَى: ﴿عَن الْيمن وَعَن الشمَال قعيد﴾ أَي: قعيدان.
وَالْآخر: أَنه قَالَ: ﴿فتشقى﴾ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الكاد والساعي على الْمَرْأَة، فالتعب عَلَيْهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن لَك أَلا تجوع فِيهَا وَلَا تعرى﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وَأَنَّك لَا تظمأ فِيهَا وَلَا تضحى﴾. أَي: لَا تعطش، وَلَا يصيبك أَذَى


الصفحة التالية
Icon