( ﴿١١٩) فوسوس إِلَيْهِ الشَّيْطَان قَالَ يَا آدم هَل أدلك على شَجَرَة الْخلد وَملك لَا يبْلى (١٢٠) فأكلا مِنْهَا فبدت لَهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة وَعصى آدم ربه فغوى (١٢١) ﴾ الشَّمْس. فَإِن قيل: لَيست فِي الْجنَّة شمس، فَكيف يَسْتَقِيم هَذَا الْكَلَام؟ وَالْجَوَاب: أَنه مُسْتَقِيم؛ لِأَن أهل الْجنَّة فِي ظلّ مَمْدُود، فَلَا يصيبهم أَذَى الشَّمْس مثل مَا يصيبهم فِي الدُّنْيَا، وَقيل مَعْنَاهُ: لَا يصيبك حر يُؤْذِيك، وَلَا تضحى: لَا تعرق، وَالْعرب تَقول: أضحى فلَان إِذا بدر للشمس. وَفِي بعض الْآثَار: اضح لمن أخدمت لَهُ. وَقَالَ عمر بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي أَبُو الْخطاب - وَولد لَيْلَة مَاتَ عمر - رَضِي الله عَنهُ -:


قَوْله تَعَالَى: ﴿فوسوس إِلَيْهِ الشَّيْطَان قَالَ يَا آدم هَل أدلك على شَجَرَة الْخلد وَملك لَا يبْلى﴾ أَي: لَا يخلق وَلَا يفنى، وَقد بَينا معنى [شَجَرَة] الْخلد من قبل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فأكلا مِنْهَا فبدت لَهما سوءاتهما﴾ أَي: عوراتهما. وَقَالَ بعض أهل الْمعَانِي: بَدَت عورتهما لَهما دون غَيرهمَا؛ لِأَن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿فبدت لَهما سوءاتهما﴾.
وَقَوله: ﴿وطفقا يخصفان﴾ أَي: طلبا. يُقَال: طفق يفعل كَذَا، إِذا جعل يَفْعَله.
وَقَوله: ﴿يخصفان﴾ أَي: يلصقان الْوَرق بالورق للباسهما.
وَقَوله: ﴿عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة﴾ أَي: للباسهما.
وَقَوله: ﴿وَعصى آدم ربه﴾ قَالَ ابْن قُتَيْبَة: يجوز أَن يُقَال: عصى آدم، وَلَكِن لَا يُقَال: آدم عَاص؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَال: عَاص إِذا اعْتَادَ فعل الْمعْصِيَة؛ وَهَذَا كَالرّجلِ يخيط ثَوْبه، يُقَال: خاط ثَوْبه، وَلَا يُقَال: خياط إِلَّا إِذا اعْتَادَ الْخياطَة.
وَأما قَوْله: ﴿فغوى﴾ مَعْنَاهُ: ضل وخاب، والضلال هَا هُنَا بِمَعْنى: أَخطَأ طَرِيق الْحق، والخيبة: فَوَات مَا طمع فِيهِ من الخلود.


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(رَأَتْ رجلا أما إِذا الشَّمْس عارضت فيضحى وَأما بالْعَشي فيخصر)