﴿ثمَّ اجتباه ربه فَتَابَ عَلَيْهِ وَهدى (١٢٢) قَالَ اهبطا مِنْهَا جَمِيعًا بَعضهم لبَعض عَدو فإمَّا يَأْتينكُمْ مني هدى فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا يضل وَلَا يشقى (١٢٣) وَمن أعرض عَن ذكري فَإِنَّهُ لَهُ معيشة ضنكا﴾
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: غوى أَي: فسد عيشه، وَصَارَ من الْعِزّ إِلَى الذل، وَمن الرَّاحَة إِلَى التَّعَب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ اجتباه ربه فَتَابَ عَلَيْهِ وَهدى﴾ أَي: اخْتَارَهُ ربه وَتَابَ عَلَيْهِ، أَي: قبل تَوْبَته. وَهدى أَي: أرشده إِلَى الْإِنَابَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ اهبطا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضكُم لبَعض عَدو﴾ وَقد بَينا من قبل.
وَقَوله: ﴿فإمَّا يَأْتينكُمْ مني هدى﴾ أَي: بَيَان.
وَقَوله: ﴿فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا يضل وَلَا يشقى﴾ أَي: لَا يضل فِي الدُّنْيَا، وَلَا يشقى فِي الْآخِرَة. وَعَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ: أَجَارَ الله تَعَالَى من تبع الْقُرْآن، وَعمل بِمَا فِيهِ أَن يضل أَو يشقى، ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن أعرض عَن ذكري﴾ أَي: عَن وحيي.
وَقَوله: ﴿فَإِن لَهُ معيشة ضنكا﴾ فِيهِ أَقْوَال:
رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود وَأبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنهم قَالُوا: عَذَاب الْقَبْر. قَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ -: يضغط حَتَّى تخْتَلف أضلاعه. وَفِي بعض المسانيد هَذَا عَن النَّبِي، وَلَفظه: " يلتئم عَلَيْهِ الْقَبْر، حَتَّى تخْتَلف أضلاعه، وَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يبْعَث ". قَالَه فِي هَذِه الْآيَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: قَالَ الضَّحَّاك: هُوَ أكل الْحَرَام، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَن يكْسب دون مَا يَكْفِيهِ، والضنك هُوَ الضّيق، وَقَالَ الْحسن: معيشة ضنكا: عَذَاب جَهَنَّم، وَقَالَ


الصفحة التالية
Icon