﴿لفسدتا فسبحان الله رب الْعَرْش عَمَّا يصفونَ (٢٢) لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون﴾
وقرىء: " ينشرون " بِفَتْح الْيَاء أَي: يحيون أبدا، وَمعنى الْآيَة هُوَ الْإِنْكَار على متخذ الْأَصْنَام آلِهَة، وَبَيَان أَنه لَا يَلِيق بهَا الإلهية.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا﴾ قَالَ أَكثر أهل التَّفْسِير: " إِلَّا " هَاهُنَا بِمَعْنى " غير "، قَالَ الشَّاعِر:

(وكل أَخ مفارقه أَخُوهُ لعَمْرو أَبِيك إِلَّا الفرقدان)
يَعْنِي: غير الفرقدين، وَهَذَا على مَا اعتقدوا من دوَام السَّمَاء وَالْأَرْض.
وَقَالَ بَعضهم: ﴿إِلَّا الله﴾ " إِلَّا " بِمَعْنى " الْوَاو " هَاهُنَا، وَمَعْنَاهُ: لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة وَالله (أَيْضا) لفسدتا، وَمعنى الْفساد فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِذا كَانَ الْإِلَه اثْنَيْنِ، هُوَ فَسَاد التَّدْبِير وَعدم انتظام الْأُمُور بِوُقُوع الْمُنَازعَة والمضادة، وَهُوَ أَيْضا معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿ولعلا بَعضهم على بعض﴾.
وَقَوله: ﴿فسبحان الله رب الْعَرْش عَمَّا يصفونَ﴾ نزه نَفسه عَمَّا يصفه بِهِ الْمُشْركُونَ من الشَّرِيك وَالْولد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم (يسْأَلُون﴾ ) يَعْنِي: لَا يسْأَل عَمَّا يحكم على خلقه، والخلق يسْأَلُون عَن (أفعالهم وأعمالهم)، وَقيل: لَا يسْأَل عَمَّا يفعل؛ لِأَنَّهُ كُله حِكْمَة وصواب، وهم يسْأَلُون عَمَّا يَفْعَلُونَ لجَوَاز الْخَطَأ عَلَيْهِم، وَقيل: معنى لَا يسْأَل عَمَّا يفعل: لَا يُقَال لَهُ: لم؟، ولماذا؟ بِخِلَاف الْخلق، وَفِي الْآيَة رد على الْقَدَرِيَّة، وَقطع شبهتهم بِالْكُلِّيَّةِ.
وَقد روى أَبُو الْأسود الدؤَلِي أَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ لَهُ: أَرَأَيْت مَا يسْعَى فِيهِ النَّاس ويكدحون، أهوَ أَمر قضي عَلَيْهِم أَو شَيْء يستأنفونه؟ فَقلت: لَا، بل أَمر قضي عَلَيْهِم، قَالَ: أَفلا يكون ظلما؟ قلت: سُبْحَانَ الله {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم


الصفحة التالية
Icon