﴿قطعن أَيْدِيهنَّ إِن رَبِّي بكيدهن عليم (٥٠) قَالَ مَا خطبكن إِذْ راودتن يُوسُف عَن نَفسه قُلْنَ حاش لله مَا علمنَا عَلَيْهِ من سوء قَالَت امرأت الْعَزِيز الْآن حصحص الْحق أَنا راودته عَن نَفسه وَإنَّهُ لمن الصَّادِقين (٥١) ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ وَأَن الله لَا يهدي﴾ فَإِن قيل: أيش قصد يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام من رد الرَّسُول وَذكر النسْوَة، وَقد مضى على ذَلِك الزَّمَان الطَّوِيل؟
الْجَواب: المُرَاد أَنه أَن لَا ينظر إِلَيْهِ الْملك بِعَين التُّهْمَة وَيصير إِلَيْهِ وَقد زَالَ الشكوك عَن أمره فَقَالَ مَا قَالَ هَذَا.
قَوْله (تَعَالَى) ﴿قَالَ مَا خطبكن إِذْ راودتن يُوسُف﴾ رُوِيَ أَن الْملك بعث إِلَى النسْوَة وفيهن امْرَأَة الْعَزِيز فَدَعَا بِهن وَقَالَ لَهُنَّ هَذِه الْمقَالة، وَقَوله: ﴿مَا خطبكن﴾ أَي: مَا (حالكن) ؟ وَقيل: مَا أمركن؟ وَقَوله: ﴿إِذْ راودتن يُوسُف عَن نَفسه﴾ خاطبهن بِهَذِهِ الْمقَالة، وَالْمرَاد: امْرَأَة الْعَزِيز خَاصَّة، وَقيل: إِن امْرَأَة الْعَزِيز راودته عَن نَفسه وَسَائِر النسْوَة أمرنه بِالطَّاعَةِ لَهَا؛ فَلهَذَا قَالَ: إِذْ راودتن يُوسُف عَن نَفسه. وَقَوله: ﴿قُلْنَ حاش لله﴾ معَاذ الله ﴿مَا علمنَا عَلَيْهِ من سوء﴾ يَعْنِي: مَا علمنَا عَلَيْهِ من تُهْمَة وَلَا خِيَانَة. وَقَوله: ﴿قَالَت امْرَأَة الْعَزِيز الْآن حصحص الْحق أَنا راودته عَن نَفسه﴾ وَفِي الْقِصَّة: أَن النسْوَة لما أخبرن بِبَرَاءَة يُوسُف عَمَّا قرن بِهِ أقبلن على امْرَأَة الْعَزِيز يقرونها. وَرُوِيَ أَنَّهَا خَافت أَن يقبلن عَلَيْهَا ويشهدن عَلَيْهَا فأقرت وَقَالَت: الْآن حصحص الْحق. مَعْنَاهُ: تبين الْحق. وَقيل: مَعْنَاهُ: الْآن ظهر الْأَمر بعد الانكتام. قَالَ الشَّاعِر:
(أَلا مبلغ عني خداشا بِأَنَّهُ | كذوب إِذا مَا حصحص الْحق ظَالِم) |
قَوْله: ﴿وَإنَّهُ لمن الصَّادِقين﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذَلِك ليعلم﴾ اخْتلفُوا على أَن هَذَا قَول من؟ الْأَكْثَرُونَ أَنه قَول يُوسُف؛ وَمَعْنَاهُ: ذَلِك ليعلم الْعَزِيز {أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ