﴿ونبلوكم بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فتْنَة وإلينا ترجعون (٣٥) وَإِذا رآك الَّذين كفرُوا إِن يتخذونك إِلَّا هزوا أَهَذا الَّذِي يذكر آلِهَتكُم وهم بِذكر الرَّحْمَن هم كافرون (٣٦) خلق الْإِنْسَان﴾
وَقَوله: ﴿فتْنَة﴾ أَي: محنة وخبرة.
وَقَوله: ﴿وإلينا ترجعون﴾ أَي: تردون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا رآك الَّذين كفرُوا إِن يتخذونك إِلَّا هزوا﴾ أَي: مَا يتخذونك إِلَّا هزوا.
وَقَوله: ﴿أَهَذا الَّذِي يذكر آلِهَتكُم﴾ أَي: يعيب آلِهَتكُم، يُقَال: فلَان يذكر فلَانا أَي: يعِيبهُ، وَفُلَان يذكر الله أَي: يعظمه ويجله.
وَقَوله: ﴿وهم بِذكر الرَّحْمَن هم كافرون﴾ قَالَ هَذَا؛ لأَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: لَا نَعْرِف الرَّحْمَن إِلَّا مُسَيْلمَة، وهم " الثَّانِيَة صلَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿خلق الْإِنْسَان من عجل﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: سرعَة وتعجيل، وَالْإِنْسَان هُوَ آدم - صلوَات الله عَلَيْهِ - وَقد خلقه الله تَعَالَى من غير تَرْتِيب خلق سَائِر الْآدَمِيّين من النُّطْفَة، والعلقة، والمضغة، وَغَيره، وَهَذَا قَول حسن. وَالْقَوْل الثَّانِي: من عجل أَي: عجولا، وَيجوز أَن يكون المُرَاد من الْإِنْسَان جَمِيع بني آدم، وَأما ابْن عَبَّاس فَإِنَّهُ قَالَ: هُوَ آدم لما نفخ الله فِيهِ الرّوح وَبلغ صَدره، أَرَادَ أَن يقوم، فَهُوَ عجلته. وَذكر الْكَلْبِيّ: أَنه لما نفخ فِيهِ الرّوح نظر إِلَى الشَّمْس فَإِذا هِيَ تغرب، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أتم خلقي قبل أَن تغرب الشَّمْس، فَهُوَ عجلته. وَالْقَوْل الثَّالِث: خلق الْإِنْسَان والعجلة مِنْهُ، وَقيل: والعجلة فِيهِ، وَهَذَا على طَرِيق الْمُبَالغَة، وَالْعرب تَقول للشرير: خلقت من الشَّرّ، وَكَذَلِكَ تَقول: خلق فلَان من الْخَيْر إِذا ذكر على طَرِيق الْمُبَالغَة.
وَالْقَوْل الرَّابِع: قَوْله: ﴿خلق الْإِنْسَان من عجل﴾ أَي: من طين. قَالَ الشَّاعِر:

(والنبع فِي الصَّخْرَة الصماء منبته وَالنَّخْل ينْبت بَين المَاء والعجل)
أَي: الطين.


الصفحة التالية
Icon