﴿لِأَبِيهِ وَقَومه مَا هَذِه التماثيل الَّتِي أَنْتُم لَهَا عاكفون (٥٢) قَالُوا وجدنَا آبَاءَنَا لَهَا عابدين (٥٣) قَالَ لقد كُنْتُم أَنْتُم وآباؤكم فِي ضلال مُبين (٥٤) قَالُوا أجئتنا بِالْحَقِّ أم أَنْت من اللاعبين (٥٥) قَالَ بل ربكُم رب السَّمَوَات وَالْأَرْض الَّذِي فطرهن وَأَنا على ذَلِكُم من الشَّاهِدين (٥٦) وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أَن توَلّوا مُدبرين (٥٧) فجعلهم جذاذا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَومه مَا هَذِه التماثيل الَّتِي أَنْتُم لَهَا عاكفون﴾ أَي: الْأَصْنَام الَّتِي أَنْتُم عَلَيْهَا مقيمون لِلْعِبَادَةِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا وجدنَا آبَاءَنَا لَهَا عابدين﴾ مَعْنَاهُ: وجدناهم كَذَلِك فاتبعناهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ لقد كُنْتُم أَنْتُم وآباؤكم فِي ضلال مُبين﴾ أَي: فِي خطأ بَين، والبين الْوَاضِح، والمبين الموضح.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا أجئتنا بِالْحَقِّ أم أَنْت من اللاعبين﴾ أَي: بِالصّدقِ وَالْجد، أم أَنْت من الهازئين؟
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ بل ربكُم رب السَّمَوَات وَالْأَرْض الَّذِي فطرهن﴾ أَي: خَلقهنَّ.
وَقَوله: ﴿وَأَنا على ذَلِكُم من الشَّاهِدين﴾ أَي: على أَنه الْإِلَه الَّذِي لَا يسْتَحق الْعِبَادَة غَيره، وَأَن الْأَصْنَام لَيست بآلهة، وَقيل: وَأَنا من الشَّاهِدين على أَنه خَالق السَّمَوَات وَالْأَرْض.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وتالله لأكيدن أصنامكم﴾ الكيد: إِيصَال ضرّ بِالْغَيْر بِضَرْب من التَّدْبِير، وَقيل: الكيد شبه الْمُحَاربَة.
وَفِي مغازي الرَّسُول غزا مَوضِع كَذَا، فَلم يلق كيدا، أَي: حَربًا.
وَقَوله: ﴿بعد أَن توَلّوا مُدبرين﴾ أَي: بعد أَن تدبروا منطلقين إِلَى عيدكم، فَإِن قيل: كَيفَ يتَصَوَّر كيد الْأَصْنَام، وَهِي لَا تعقل؟ قُلْنَا: سنبين وَجه كَيده لَهَا.
قَوْله: ﴿فجعلهم جذاذا﴾ قرىء: " جذاذا " و " جذاذا " وَفِي الشاذ " جذاذا "، فَقَوله: " جذاذا " بِالرَّفْع هُوَ مثل الحطام والرفات، وَقَوله: " جذاذا " بِالْكَسْرِ فَهُوَ جمع


الصفحة التالية
Icon