﴿كَبِيرهمْ هَذَا فاسألوهم إِن كَانُوا ينطقون (٦٣) فَرَجَعُوا إِلَى أنفسهم فَقَالُوا إِنَّكُم أَنْتُم الظَّالِمُونَ (٦٤) ثمَّ نكسوا على رُءُوسهم لقد علمت مَا هَؤُلَاءِ ينطقون (٦٥) قَالَ أفتعبدون من دون الله مَا لَا ينفعكم شَيْئا وَلَا يضركم (٦٦) أُفٍّ لكم وَلما تَعْبدُونَ من﴾ قَالَ أهل الْمعَانِي: قَالَ إِبْرَاهِيم مَا قَالَ بِإِذن الله تَعَالَى لقصد الصّلاح، وَهُوَ مثل مَا أذن ليوسف أَن يَقُول للإخوة: " أيتها العير إِنَّكُم لسارقون، وَقَالَ بَعضهم، هُوَ قَول يُخَالف لَفظه مَعْنَاهُ، وَلكُل تَأْوِيل، أما قَوْله: ﴿بل فعله كَبِيرهمْ﴾ أَي: على زعمكم واعتقادكم، وَهُوَ على وَجه إِلْزَام الْحجَّة، كَمَا بَينا على تَحْقِيق الْخَبَر، وَقَالَ بَعضهم مَعْنَاهُ: بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا ﴿فَسَأَلُوهُمْ إِن كَانُوا ينطقون﴾، قَالَه على سَبِيل الشَّرْط، قَالَ النّحاس: وَفِي هَذَا التَّأْوِيل بعد، وَهُوَ مُخَالف للْأَخْبَار الثَّابِتَة، وَأما قَوْله: ﴿إِنِّي سقيم﴾ أَي: سأسقم وَقيل مَعْنَاهُ: سقيم أَي: مُغْتَم بضلالتكم، فَكَأَنَّهُ سقيم الْقلب بذلك، وَأما قَوْله لسارة: هَذِه أُخْتِي أَي: أُخْتِي فِي الدّين، وَالْأولَى مَا ذَكرْنَاهُ من الْمَعْنى الأول، وَهُوَ قَول أهل السّنة، وَهُوَ أَن الله تَعَالَى أذن لَهُ فِيهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَرَجَعُوا إِلَى أنفسهم فَقَالُوا إِنَّكُم أَنْتُم الظَّالِمُونَ﴾ مَعْنَاهُ: رجعُوا إِلَى فكرهم وعقولهم فَقَالُوا: إِنَّكُم أَنْتُم الظَّالِمُونَ يَعْنِي: بعبادتكم مَا لَا يدْفع عَن نَفسه شَيْئا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ نكسوا على رُءُوسهم﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: أجْرى الله تَعَالَى حَقًا على لسانهم فِي القَوْل الأول، ثمَّ أدركتهم الشقاوة، فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿ثمَّ نكسوا على رُءُوسهم﴾ وَمَعْنَاهُ: رجعُوا إِلَى شركهم، وَيُقَال: نكس الْمَرِيض إِذا رَجَعَ إِلَى حَاله الأول، وَقيل: نكسوا على رُءُوسهم أَي: رجعُوا، وَمَعْنَاهُ: إِلَى الِاحْتِجَاج عَن الْأَصْنَام.
وَقَوله: ﴿لقد علمت مَا هَؤُلَاءِ ينطقون﴾ وَمَعْنَاهُ: فَكيف نسألهم؟.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ أفتعبدون من دون الله مَا لَا ينفعكم شَيْئا وَلَا يضركم﴾ مَعْنَاهُ: لَا ينفعكم إِن عبدتموه، وَلَا يضركم إِن تركْتُم عِبَادَته.
وَقَوله: ﴿أُفٍّ لكم﴾ أَي: نَتنًا وقذرا لكم. وَقَوله: ﴿وَلما تعبدو من دون الله﴾


الصفحة التالية
Icon