﴿دون الله أَفلا تعقلون (٦٧) قَالُوا حرقوه وانصروا آلِهَتكُم إِن كُنْتُم فاعلين (٦٨) قُلْنَا يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا على إِبْرَاهِيم (٦٩) ﴾ أَي: الْأَصْنَام.
وَقَوله: ﴿أَفلا تعقلون﴾ أَي: أَلَيْسَ لكم عقل تعرفُون هَذَا؟.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا حرقوه وانصروا آلِهَتكُم﴾ التحريق هُوَ التقطيع بالنَّار، وَاخْتلفُوا أَن الْقَائِل لقَوْله: ﴿حرقوه﴾ من كَانَ؟ فَعَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: هُوَ رجل من أكراد فَارس، وَقَالَ غَيره: هُوَ نمروذ الْجَبَّار، وَعَن بَعضهم: أَنه رجل يُقَال لَهُ: (هيرون) خسف الله بِهِ الأَرْض، فَهُوَ يتجلجل فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿وانصروا آلِهَتكُم﴾ قَالَ الْأَزْهَرِي مَعْنَاهُ: عظموا آلِهَتكُم بإحراقه، وَقيل: وادفعوا عَن آلِهَتكُم.
وَقَوله: ﴿إِن كُنْتُم فاعلين﴾ يَعْنِي: إِن كُنْتُم ناصرين لَهَا أَي: للآلهة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قُلْنَا يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا﴾ فِي الْقِصَّة: أَنهم بنوا أتونا بقرية من قرى كوثى، وجمعوا الأحطاب مُدَّة. وَعَن السّديّ قَالَ: كَانَ الرجل مِنْهُم يمرض فيوصي بشرَاء الْحَطب وإلقائه فِيهِ، وَالْمَرْأَة تغزل فتشتري الْحَطب بغزلها فتلقيه فِيهِ، ثمَّ أوقدوا عَلَيْهَا سَبْعَة أَيَّام، ثمَّ ألقوا فِيهَا إِبْرَاهِيم. وَرُوِيَ أَنهم لم يعلمُوا كَيفَ يلقونه فِيهَا؟ فجَاء إِبْلِيس - عَلَيْهِ مَا يسْتَحق - وعلمهم عمل المنجنيق، فوضعوه فِيهِ، وطرحوه فِي النَّار.
وَعَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: لما طرح إِبْرَاهِيم فِي النَّار ضجت الخليقة، وَقَالَت: يَا رب، إِن خَلِيلك يلقى فِي النَّار، فَقَالَ الله تَعَالَى: إِنَّه خليلي، لَيْسَ لي خَلِيل غَيره، وَأَنا إلهه، لَيْسَ لَهُ إِلَه غَيْرِي، فَإِن اسْتَغَاثَ بكم فأغيثوه، فَلم يستغث بِأحد. وَمن الْمَعْرُوف أَنه قَالَ حِين ألقِي فِي النَّار: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل. وَرُوِيَ أَنه قَالَ: سُبْحَانَكَ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت رب الْعَالمين، وَلَك الْحَمد لَا شريك لَك. وَعَن كَعْب الْأَحْبَار


الصفحة التالية
Icon