﴿سُلَيْمَان وكلا آتَيْنَا حكما وعلما وسخرنا مَعَ دَاوُد الْجبَال يسبحْنَ وَالطير وَكُنَّا فاعلين﴾ بِاللَّيْلِ، وتسيب بِالنَّهَارِ، وَأما الحروث والزروع تحفظ بِالنَّهَارِ، ويتعذر حفظهَا بِاللَّيْلِ.
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام: أخبرنَا بِهَذَا الحَدِيث القَاضِي الإِمَام الْوَالِد، قَالَ: نَا أَبُو سهل عبد الصَّمد بن عبد الرَّحْمَن الْبَزَّار، قَالَ: أَبُو بكر مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا العذافري، قَالَ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الدبرِي قَالَ: [حَدثنَا] عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ.... الْخَبَر.
وَقَوله: ﴿وكلا آتَيْنَا حكما وعلما﴾ وَقد بَينا.
فَإِن قيل: قد كَانَ دَاوُد حكم بِمَا حكم بِهِ، والحادثة إِذا جرى فِيهَا حكم الْحَاكِم لَا يجوز أَن تنقض بِغَيْرِهِ، فَكيف وَجه هَذَا؟ وَالْجَوَاب: يحْتَمل أَنه كَانَ طُولِبَ بالحكم، وَلم يحكم بعد، إِلَّا أَنه ذكر وَجه الحكم، وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه كَانَ حكم بِالِاجْتِهَادِ، فَلَمَّا قَالَ سُلَيْمَان مَا قَالَ، نزل الْوَحْي أَن الحكم مَا قَالَ.
وَقَوله: ﴿وسخرنا مَعَ دَاوُد الْجبَال يسبحْنَ وَالطير﴾ قيل: تسبيحها صلَاتهَا، وَقيل: تسبيحها هُوَ الثَّنَاء على الله بِالطَّهَارَةِ وَالتَّقْدِيس، وَقد رُوِيَ أَن الْجبَال كَانَت تجاوب دَاوُد بالتسبيح، وَرُوِيَ أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ سَمعه الله تَسْبِيح الْجبَال وَالطير؛ لينشط فِي التَّسْبِيح، ويشتاق إِلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿وَكُنَّا فاعلين﴾. أَي: قَادِرين على مَا نُرِيد، وَقيل مَعْنَاهُ: فعلنَا مَا فعلنَا بِالتَّدْبِيرِ الصَّحِيح.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وعلمناه صَنْعَة لبوس لكم﴾ اللبوس هَا هُنَا هُوَ الدرْع، وَفِي اللُّغَة: اللبوس مَا يلبس، قَالَ قَتَادَة: لم يسْرد الدرْع، وَلم يحلقه أحد قبل دَاوُد، وَكَانَ قبله


الصفحة التالية
Icon