﴿لنا خاشعين (٩٠) وَالَّتِي أحصنت فرجهَا فنفخنا فِيهَا من رُوحنَا وجعلناها وَابْنهَا آيَة للْعَالمين (٩١) إِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة وَأَنا ربكُم فاعبدون (٩٢) وتقطعوا أَمرهم﴾ وَقَوله: ﴿يُسَارِعُونَ﴾ أَي: يبادرون.
وَقَوله: ﴿ويدعوننا رغبا ورهبا﴾ أَي: رغبا فِي الطَّاعَات، ورهبا من الْمعاصِي، (وَقيل: رغبا فِي الْجنَّة، ورهبا من النَّار). وَقَالَ خصيف: رغبا ببطون الأكف، ورهبا بظهورها.
وَقَوله: ﴿وَكَانُوا لنا خاشعين﴾ أَي: متواضعين، وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هُوَ أَن يضع يَمِينه على شِمَاله فِي الصَّلَاة، يومىء ببصره إِلَى مَوضِع السُّجُود، وَقَالَ مُجَاهِد: الْخُشُوع هُوَ الْخَوْف اللَّازِم فِي الْقلب، وَعَن الْحسن قَالَ: ذللا لأمر الله تَعَالَى.
﴿وَالَّتِي أحصنت﴾ أَي: عفت ﴿فرجهَا﴾، وَقيل: منعت من الْحَرَام.
وَقَوله: ﴿فنفخنا فِيهَا من رُوحنَا﴾ الْأَكْثَرُونَ أَن هَذَا جيب الدرْع على مَا بَينا، وَفِيه قَول آخر: أَنه نفخ رَحمهَا، وَخلق الله الْمَسِيح فِي بَطنهَا، وَذكر رُوحنَا تَخْصِيصًا وكرامة للمسيح عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقَوله: ﴿وَجَعَلنَا وَابْنهَا آيَة للْعَالمين﴾.
أَي: دلَالَة للْعَالمين، فَإِن قيل: هما كَانَا آيَتَيْنِ، فَهَلا قَالَ آيَتَيْنِ؟ وَالْجَوَاب: إِنَّمَا قَالَ: آيَة؛ لِأَن الْآيَة فيهمَا كَانَت وَاحِدَة، وَهِي أَنَّهَا أَتَت بِهِ من غير فَحل، قَالَ أهل الْعلم: وفيهَا آيَات: أَحدهَا: (أَنه لم (تعتن) قبلهَا أُنْثَى للتحرز)، وَالْآخر: إتيانها بِعِيسَى من غير أَب، وَالثَّالِث: مجيىء رزقها من عِنْد الله من غير سَبَب من مَخْلُوق، وَيُقَال: إِنَّهَا لم تقبل ثدي أحد سوى أمهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة﴾ أَي: ملتكم ودينكم مِلَّة وَاحِدَة،


الصفحة التالية
Icon