﴿أول خلق نعيده وَعدا علينا إِنَّا كُنَّا فاعلين (١٠٤) وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور من بعد الذّكر أَن﴾
وَقَوله: ﴿كطي السّجل للكتب﴾ رُوِيَ عَن ابْن إِسْحَاق أَن السّجل كَاتب للنَّبِي، وَهُوَ قَول غَرِيب. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن السّجل ملك، وَالْقَوْل الثَّالِث - وَهُوَ أصح الْأَقْوَال - أَن السّجل هُوَ الصَّحِيفَة.
وَقَوله: ﴿للكتب﴾ أَي: لأجل مَا كتب، فَمَعْنَاه: كطي الصَّحِيفَة لأجل الْمَكْتُوب.
وَقَوله: ﴿كَمَا بدأنا أول خلق نعيده﴾ أَي: قدرتنا على إِعَادَة الْخلق كقدرتنا على إنشائه.
وَقَوله: ﴿إِنَّا كُنَّا فاعلين﴾ أَي: قَادِرين عَلَيْهِ، وَقد ورد فِي هَذِه الْآيَة خبر صَحِيح وَهُوَ مَا روى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي قَالَ: " يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة حُفَاة عُرَاة غرلًا "، وَفِي رِوَايَة: " إِنَّكُم تحشرون يَوْم الْقِيَامَة حُفَاة عُرَاة غرلًا " ثمَّ قَرَأَ: ﴿كَمَا بدأنا أول خلق نعيده﴾، وَأول من يكسى إِبْرَاهِيم - عَلَيْهِ السَّلَام - ويجاء بِقوم من أمتِي فَيُؤْمَر بهم إِلَى النَّار، فَأَقُول: يَا رب، أَصْحَابِي، فَيَقُول: إِنَّهُم لم يزَالُوا مرتدين على أَعْقَابهم مُنْذُ فَارَقْتهمْ، فَأَقُول كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح: ﴿وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم فَلَمَّا توفيتني كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم وَأَنت على كل شَيْء شَهِيد﴾ وَفِي رِوَايَة " أَقُول: سحقا لأهل النَّار ". قَالَ الشَّيْخ الإِمَام: أَنا بِهَذَا الحَدِيث الْمَكِّيّ بن عبد الرَّزَّاق، قَالَ: أَنا جدي أَبُو الْهَيْثَم، قَالَ الْفربرِي قَالَ البُخَارِيّ، قَالَ مُحَمَّد بن كثير، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن الْمُغيرَة بن النُّعْمَان، عَن سعيد بن جُبَير... الْخَبَر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور من بعد الذّكر﴾ قَالَ عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ أَبُو عَمْرو: الزبُور زبور دَاوُد، وَالذكر هُوَ التَّوْرَاة، وَقَالَ سعيد بن جُبَير: الزبُور


الصفحة التالية
Icon