﴿الأَرْض يَرِثهَا عبَادي الصالحون (١٠٥) إِن فِي هَذَا لبلاغا لقوم عابدين (١٠٦) وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين (١٠٧) ﴾ هُوَ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل، وَالذكر هُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَمَعْنَاهُ: من بعد مَا كتب ذكره فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ.
وَقَوله: ﴿أَن الأَرْض يَرِثهَا عبَادي الصالحون﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: وَالْأَرْض أَرض الْجنَّة. وَعنهُ أَيْضا: أَن الأَرْض هِيَ أَرَاضِي الْكفَّار، يفتحها الله للْمُسلمين، ويجعلها لَهُم، وَقيل إِن الأَرْض هِيَ الأَرْض المقدسة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن فِي هَذَا لبلاغا﴾ يجوز أَن يكون قَوْله: ﴿فِي هَذَا﴾ أَي: فِي الْقُرْآن، وَيجوز أَن يكون مَعْنَاهُ: فِي هَذِه السُّورَة، وَقَوله: ﴿لبلاغا﴾ أَي: سَببا يبلغهم إِلَى رضَا الله، وَقيل: بلاغا أَي: كِفَايَة.
وَقَوله: ﴿لقوم عابدين﴾ قيل: عَالمين، وَقيل: مُطِيعِينَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين﴾ من الْمَشْهُور الْمَعْرُوف عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِنَّمَا أَنا رَحْمَة مهداة " أَي: هَدِيَّة من الله، ثمَّ اخْتلفُوا فِي الْعَالمين على قَوْلَيْنِ: فأحد الْقَوْلَيْنِ: أَنهم الْمُسلمُونَ، فَهُوَ رَحْمَة للْمُسلمين، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنهم جَمِيع الْخلق، وَهَذَا القَوْل أشهر، وَأما معنى رَحمته للْكَافِرِينَ فَهُوَ تَأْخِير الْعَذَاب عَنْهُم، وَقيل: هُوَ رفع عَذَاب الاستئصال عَنْهُم، وَأما رَحمته للْمُؤْمِنين فمعلومة.


الصفحة التالية
Icon