﴿قل إِنَّمَا يُوحى إِلَيّ أَنما إِلَهكُم إِلَه وَاحِد فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ (١٠٨) فَإِن توَلّوا فَقل آذنتكم على سَوَاء وَإِن أَدْرِي أَقَرِيب أم بعيد مَا توعدون (١٠٩) إِنَّه يعلم الْجَهْر من القَوْل وَيعلم مَا تكتمون (١١٠) وَإِن أَدْرِي لَعَلَّه فتْنَة لكم ومتاع إِلَى حِين (١١١) قَالَ رب احكم بِالْحَقِّ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل إِنَّمَا يُوحى إِلَيّ أَنما إِلَهكُم إِلَه وَاحِد فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ﴾ أَي: أَسْلمُوا.
قَوْله: ﴿فَإِن توَلّوا فَقل آذنتكم على سَوَاء﴾ أَي: لتستووا فِي الْإِيمَان بِهِ، وأوضح الْأَقْوَال مَا ذكره ابْن قُتَيْبَة، وَهُوَ أَن مَعْنَاهُ: آذنتكم على وَجه، نستوي نَحن وَأَنْتُم فِي الْعلم بِهِ.
وَقَوله: ﴿وَإِن أَدْرِي أَقَرِيب أم بعيد﴾ يَعْنِي: مَا أَدْرِي أَقَرِيب أم بعيد ﴿مَا توعدون﴾ ؟.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّه يعلم الْجَهْر من القَوْل﴾ الْآيَة؟. ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن أَدْرِي لَعَلَّه فتْنَة لكم﴾ اخْتلفُوا فِي أَن الْهَاء إِلَى مَاذَا ترجع فِي ﴿لَعَلَّه﴾ على قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا: أَنه يرجع إِلَى قَوْله: ﴿وَإِن أَدْرِي أَقَرِيب أم بعيد مَا توعدون﴾ يَعْنِي: إِن هَذَا الَّذِي أَقُول لَعَلَّه فتْنَة لكم، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه يرجع إِلَى مَا ذكرنَا من تَأْخِير الْعَذَاب عَنْهُم، وَقَوله: ﴿فتْنَة﴾ أَي: محنة واختبار.
وَقَوله: ﴿ومتاع إِلَى حِين﴾ أَي: إِلَى الْقِيَامَة، وَقيل: إِلَى الْمَوْت.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل رب احكم بِالْحَقِّ﴾ وَقَرَأَ حَفْص عَن عَاصِم: " قَالَ رب احكم بِالْحَقِّ " على الْخَبَر، وَالْأول هُوَ الْمُخْتَار؛ وَلِأَن سَواد الْمُصحف مُتبع لَا يجوز خِلَافه، فَإِن قيل: قَوْله: ﴿قل رب احكم بِالْحَقِّ﴾ كَيفَ يجوز هَذَا الدُّعَاء، وَالله لَا يحكم إِلَّا بِالْحَقِّ؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: قُلْنَا رُوِيَ عَن قَتَادَة أَنه قَالَ: كَانَ الْأَنْبِيَاء قبل مُحَمَّد يَقُولُونَ: رَبنَا افصل بَيْننَا وَبَين قَومنَا بِالْحَقِّ، فَأمر الله رَسُوله أَن يَقُول: رب احكم بِالْحَقِّ، وَاخْتلفُوا فِي مَعْنَاهُ، قَالَ بَعضهم: رب احكم بِالْحَقِّ أَي: عجل الحكم بِالْحَقِّ،


الصفحة التالية
Icon