﴿الْمُحْسِنِينَ (٥٦) ولأجر الْآخِرَة خير للَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٥٧) وَجَاء إخْوَة يُوسُف﴾ برحمتنا) مَعْنَاهُ: (نصيب بنعمتنا) ﴿من نشَاء وَلَا نضيع أجر الْمُحْسِنِينَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله: ﴿ولأجر الْآخِرَة خير للَّذين آمنُوا﴾ مَعْنَاهُ: ثَوَاب الْآخِرَة خير للَّذين آمنُوا. وَقَوله: ﴿وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجَاء إخْوَة يُوسُف فَدَخَلُوا عَلَيْهِ﴾ قَالَ أَصْحَاب الْأَخْبَار: لما نصب الْملك يُوسُف - عَلَيْهِ السَّلَام - للْقِيَام بِالْأَمر، وتدبير مَال مصر دبر فِي جمع الطَّعَام أحسن التَّدْبِير بنى الْحُصُون والبيوت الْكَبِيرَة، وَجمع فِيهَا طَعَاما للسنين المجدبة، وَأنْفق مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى مَضَت السنون المخصبة وَدخلت سنُون الْقَحْط، فَروِيَ أَنه كَانَ دبر فِي [طَعَام] الْملك وحاشيته مرّة وَاحِدَة وَهُوَ نصف النَّهَار، فَكلما دخلت سنة الْقَحْط كَانَ أول من أَخذ الْجُوع هُوَ الْملك فَنَادَى بِنصْف اللَّيْل: يَا يُوسُف، الْجُوع، الْجُوع. وَفِي بعض الْأَخْبَار أَنه كَانَ يقدر لكل اثْنَيْنِ طَعَام اثْنَيْنِ وَكَانَ يقدم جَمِيعه بَين يَدي الْوَاحِد فَلَا يَأْكُل إِلَّا نصفه، فَلَمَّا دخلت سنة الْقَحْط (قدم طَعَام اثْنَيْنِ بَين يَدي وَاحِد فَقدم فَأكل جَمِيعه وَطلب زِيَادَة فَعرف يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام أَنه دخلت سنة الْقَحْط)، وَالله أعلم. قَالُوا: وَدخلت السّنة الأولى بهول وَشدَّة لم يعْهَد النَّاس مثله، وَكَانَ كلما جَاءَت سنة أُخْرَى كَانَت أهول وَأَشد، فَلَمَّا كَانَت السّنة الثَّانِيَة وصل الْقَحْط إِلَى كنعان - وَهُوَ منزل يَعْقُوب وَأَوْلَاده - فاحتاجوا إِلَى الطَّعَام حَاجَة شَدِيدَة فَدَعَا بنيه وَقَالَ لَهُم: بَلغنِي أَن بِمصْر ملكا صَالحا يَبِيع الطَّعَام فتجهزوا واذهبوا إِلَيْهِ لتشتروا مِنْهُ الطَّعَام، قَالَ: فأرسلهم وهم عشرَة نفر وَحبس [ابْنه بنيامين] عِنْده فقدموا مصر، فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿وَجَاء إخْوَة يُوسُف﴾. وَقَوله: ﴿فعرفهم﴾