﴿والركع السُّجُود (٢٦) وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ يأتوك رجَالًا وعَلى كل ضامر يَأْتِين من كل فج عميق (٢٧) ليشهدوا مَنَافِع لَهُم ويذكروا اسْم الله فِي أَيَّام مَعْلُومَات﴾
وَقَوله: ﴿وطهر بَيْتِي للطائفين﴾ أَي: الطائفين بِالْبَيْتِ.
وَقَوله: ﴿والقائمين﴾ أَي المقيمين. ﴿والركع السُّجُود﴾ أَي: الْمُصَلِّين.
وَقَوله: ﴿وطهر بَيْتِي﴾ أَي: ابْن بَيْتِي طَاهِرا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ﴾ وَقَرَأَ ابْن أبي إِسْحَاق: " بِالْحَجِّ " بخفض الْحَاء، وَكَذَلِكَ فِي جَمِيع الْقُرْآن، وَفِي الْقِصَّة: أَن إِبْرَاهِيم - عَلَيْهِ السَّلَام - صعد الْمقَام، فارتفع الْمقَام حَتَّى صَار كأطول جبل فِي الدُّنْيَا، وَفِي رِوَايَة: صعد أَبَا قبيس ثمَّ نَادَى: يَا أَيهَا النَّاس، إِن الله تَعَالَى كتب عَلَيْكُم الْحَج فأجيبوا ربكُم، فَأَجَابَهُ كل من يحجّ من أَرْحَام الْأُمَّهَات وأصلاب الْآبَاء، قَالَ ابْن عَبَّاس: وَأول من أَجَابَهُ أهل الْيمن، فهم أَكثر النَّاس حجا، فَالنَّاس يأْتونَ وَيَقُولُونَ: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك، فَهُوَ إِجَابَة إِبْرَاهِيم، وَرُوِيَ أَن إِبْرَاهِيم - صلوَات الله عَلَيْهِ - لما أمره الله تَعَالَى بِدُعَاء النَّاس قَالَ: يَا رب، كَيفَ يبلغهم صوتي؟ قَالَ: عَلَيْك الدُّعَاء وَعلي التَّبْلِيغ.
وَقَوله: ﴿يأتوك رجَالًا﴾ أَي: رجالة، وهم المشاة، وَفِي بعض الْأَخْبَار: أَن آدم - صلوَات الله عَلَيْهِ - حج أَرْبَعِينَ حجَّة مَاشِيا.
وَقَوله: ﴿وعَلى كل ضامر﴾ أَي: وعَلى كل بعير ضامر، والضامر هُوَ المهزول، قَالَ ابْن عَبَّاس: مَا أتأسف على شَيْء، تأسفي أَنِّي لم أحج مَاشِيا؛ لِأَن الله تَعَالَى قدم المشاة على الركْبَان.
وَقَوله: ﴿يَأْتِين من كل فج عميق﴾ أَي: من كل طَرِيق بعيد.
وَقَوله: ﴿ليشهدوا مَنَافِع لَهُم﴾ قَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ: هِيَ الْمَغْفِرَة، وَقَالَ غَيره: مَنَافِع لَهُم أَي: التِّجَارَة، وَالْقَوْل الأول أحسن، وَيُقَال: مَنَافِع الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
وَقَوله: ﴿ويذكروا اسْم الله عَلَيْهِ فِي أَيَّام مَعْلُومَات﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: الْأَيَّام


الصفحة التالية
Icon