﴿على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا البائس الْفَقِير (٢٨) ثمَّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق (٢٩) ﴾ المعلومات هِيَ الْعشْر، وَقَالَ عَليّ وَابْن عمر: هِيَ يَوْم النَّحْر وَثَلَاثَة أَيَّام بعده.
وَقَوله: ﴿على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام﴾ أَي: إِذا ذبحوها.
وَقَوله: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾ هَذَا أَمر إِبَاحَة، وَلَيْسَ بِأَمْر إِيجَاب، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَمر (ندب)، وَيسْتَحب أَن يَأْكُل مِنْهَا.
وَقَوله: ﴿وأطعموا البائس الْفَقِير﴾ البائس هُوَ الَّذِي اشْتَدَّ بؤسه، والبؤس: الْعَدَم، وَقيل: البائس هُوَ الَّذِي بِهِ زَمَانه، والفقر مَعْلُوم الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ ليقضوا تفثهم﴾ التفث هَا هُنَا هُوَ حلق الرَّأْس، وقلم الظفر ونتف الْإِبِط وَإِزَالَة الْوَسخ، وَقيل: إِن التفث هَا هُنَا رمي الْجمار، وَقَالَ الزّجاج: وَلَا يعرف التفث وَمَعْنَاهُ إِلَّا من الْقُرْآن، فَأَما قطرب حَكَاهُ عَن أهل اللُّغَة بِمَعْنى الْوَسخ.
وَقَوله: ﴿وليوفوا نذورهم﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه الْوَفَاء بِمَا نَذره على ظَاهره، وَالْقَوْل الآخر: أَن مَعْنَاهُ الْخُرُوج عَمَّا وَجب عَلَيْهِ نذرا وَلم ينذر، وَالْعرب تَقول لكل من خرج عَن الْوَاجِب عَلَيْهِ: وفى بنذره.
وَقَوله: ﴿وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق﴾ هَذَا الطّواف هُوَ طواف الْإِفَاضَة، وَعَلِيهِ أَكثر أهل التَّفْسِير.
وَقَوله: ﴿بِالْبَيْتِ الْعَتِيق﴾ فِي الْعَتِيق قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن الله تَعَالَى أعْتقهُ عَن أَيدي الْجَبَابِرَة، فَلم يتسلط عَلَيْهِ جَبَّار، وَالثَّانِي: ﴿الْعَتِيق﴾ أَي: الْقَدِيم، وَهُوَ قَول الْحسن، وَفِي الْعَتِيق قَول ثَالِث: وَهُوَ أَن معنى ﴿الْعَتِيق﴾ أَن الله تَعَالَى أعْتقهُ عَن الْغَرق أَيَّام الطوفان، وَهَذَا قَول مُعْتَمد يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذ بوأنا لإِبْرَاهِيم مَكَان الْبَيْت﴾ فَلَمَّا قَالَ: ﴿مَكَان الْبَيْت﴾ دلّ أَن الْبَيْت رفع أَيَّام الطوفان.


الصفحة التالية
Icon