﴿حنفَاء لله غير مُشْرِكين بِهِ وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خر من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق (٣١) ذَلِك وَمن يعظم شَعَائِر الله فَإِنَّهَا من تقوى﴾
وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهُوَ أَن قَول الزُّور هُوَ الشّرك، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن قَول الزُّور هُوَ تلبيتهم: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لَا شريك لَك إِلَّا شَرِيكا هُوَ لَك تملكه وَمَا ملك.
وَقَوله: ﴿حنفَاء لله غير مُشْرِكين بِهِ﴾. قَالَ أهل التَّفْسِير: كَانَت قُرَيْش يَقُولُونَ: من حج واحتنف وضحى، فَهُوَ حنيف، فَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿حنفَاء لله غير مُشْرِكين بِهِ﴾ يَعْنِي أَن (الحنيفة) إِنَّمَا يتم بترك الشّرك، وَمن أشرك لَا يكون حَنِيفا، وَقد بَينا معنى الحنيف من قبل.
وَقَوله: ﴿وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خر من السَّمَاء﴾ أَي: سقط من السَّمَاء، وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن بعض الصَّحَابَة أَنه قَالَ: " بَايَعت رَسُول الله أَن لَا أخر إِلَّا مُسلما " أَي: لَا أسقط مَيتا إِلَّا مُسلما.
وَقَوله: ﴿فتخطفه الطير﴾ أَي: تسلبه الطير وَتذهب بِهِ.
وَقَوله: ﴿أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق﴾. أَي: تسْقط بِهِ الرّيح فِي مَكَان بعيد، وَمعنى الْآيَة: أَن من أشرك فقد هلك، وَبعد عَن الْحق بعدا لَا يصل إِلَيْهِ بِحَال مَا دَامَ مُشْركًا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذَلِك وَمن يعظم شَعَائِر الله﴾ فِي الشعائر قَولَانِ: قَالَ ابْن عَبَّاس: هِيَ الْبدن، وتعظيمها استسمانها واستحسانها، وَعَن عَطاء: أَن شَعَائِر الله هِيَ الْجمار، وَعَن [زيد] بن أسلم قَالَ: شَعَائِر الله: الصَّفَا والمروة، والركن، وَالْبَيْت،


الصفحة التالية
Icon