﴿تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كيل لكم عِنْدِي وَلَا تقربون (٦٠) قَالُوا سنراود عَنهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لفاعلون (٦١) وَقَالَ لفتيانه اجعلوا بضاعتهم فِي رحالهم لَعَلَّهُم يعرفونها إِذا عشر ابْنا وَأَنه هلك وَاحِد مِنْهُم فِي الْبَريَّة (وَحبس﴾ وَاحِدًا وَهُوَ أَخُوهُ لأمه ليستأنس بِهِ، فَقَالَ: أَنا مستريب بكم، فَإِن كُنْتُم صَادِقين فاحملوا ذَلِك الْأَخ مَعكُمْ لتزول الرِّيبَة عَن حالكم. وَقيل: إِنَّه قَالَ لَهُم لما قصت الْقِصَّة عَلَيْهِ، قصتي مثل قصتكم أَيهَا الْقَوْم وَقد فقدت أَخا لي من أُمِّي وَأَنا شَدِيد الْحزن عَلَيْهِ وَقد نغص فِرَاقه عَليّ ملكي فَأحب أَن تَحملُوهُ إِلَيّ لأشكو إِلَيْهِ حزني ويشكو إِلَيّ حزنه، فَبِهَذَا الطَّرِيق قَالَ: ائْتُونِي بِأَخ لكم من أبيكم.
وَفِي بعض (التفاسير) : أَنهم ذكرُوا إِيثَار يَعْقُوب بنيامين) و (أَخَاهُ) فِي الْمحبَّة فَأحب أَن يرى بنيامين لينْظر هَل هُوَ مَوضِع الإيثار؟
وَقَوله: ﴿أَلا ترَوْنَ أَنِّي أوفي الْكَيْل﴾ يَعْنِي: أتم الْكَيْل وَلَا أبخسه. وَقَوله: ﴿وَأَنا خير المنزلين﴾ قَالَ مُجَاهِد: أَنا خير المضيفين، وَكَانَ قد أحسن ضيافتهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِن لم تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كيل لكم عِنْدِي﴾ قَالَ الْحسن: إِن لم تَأْتُونِي بِهِ فَلَا طَعَام لكم عِنْدِي إِن جئْتُمْ. وَقَوله: ﴿وَلَا تقربون﴾ أَي: لَا تقربُوا بلادي وَلَا دَاري.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا سنراود عَنهُ أَبَاهُ﴾ مَعْنَاهُ: سنطلب إِلَى أَبِيه أَن يُرْسِلهُ مَعنا. وَقَوله: ﴿وَإِنَّا لفاعلون﴾ أَي: مجتهدون.
قَوْله: ﴿وَقَالَ لفتيته﴾ قرىء بقراءتين: " لفتيانه " و " لفتيته " والفتى: هُوَ الشَّبَاب الْكَامِل فِي الْقُوَّة، والفتية والفتيان هَاهُنَا: الغلمان. وَقَوله: ﴿اجعلوا بضاعتهم فِي رحالهم﴾ يُقَال: إِن بضاعتهم كَانَت دَارهم حملوها لشراء الطَّعَام. وَعَن بَعضهم: أَن بضاعتهم كَانَت ثَمَانِيَة جرب من سويق الْمقل. وَالأَصَح هُوَ الأول. وَقَوله: ﴿فِي رحالهم﴾ الرحل هَاهُنَا: وعَاء الْمَتَاع. وَقيل: فِي جواليقهم. وَقَوله: {لَعَلَّهُم يعرفونها


الصفحة التالية
Icon