﴿الله لحومها وَلَا دماؤها وَلَكِن يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُم كَذَلِك سخرها لكم لتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ وَبشر الْمُحْسِنِينَ (٣٧) إِن الله يدافع عَن الَّذين آمنُوا إِن الله لَا يحب كل خوان كفور (٣٨) أذن للَّذين يُقَاتلُون بِأَنَّهُم ظلمُوا وَإِن الله على نَصرهم﴾ ذَبَحُوا، أنضحوا بِالدَّمِ حول الْبَيْت، فَأَرَادَ الْمُسلمُونَ أَن يَفْعَلُوا مثل ذَلِك، فَأنْزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿لن ينَال الله لحومها وَلَا دماؤها وَلَكِن يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُم﴾، وَمَعْنَاهُ: لَا يصل الدَّم وَاللَّحم إِلَى الله تَعَالَى؛ وَإِنَّمَا تصل التَّقْوَى، وَقيل: لَا تصل الدِّمَاء واللحوم إِلَّا بالتقوى، وَيُقَال: لَا يرضى إِلَّا بالتقوى.
وَقَوله: ﴿كَذَلِك سخرها لكم﴾ أَي: ذللناها لكم.
وَقَوله: ﴿لتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ﴾ مَعْنَاهُ: لتعظموا الله على مَا هدَاكُمْ.
وَقَوله: ﴿وَبشر الْمُحْسِنِينَ﴾ قد بَينا معنى الْمُحْسِنِينَ من قبل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله يدافع عَن الَّذين آمنُوا﴾ وقرىء: " يدْفع "، والمدافعة عَنْهُم بحفظهم ونصرتهم، وَيُقَال: يدافع الْكفَّار عَن الَّذين آمنُوا، وَيُقَال: يدافع الْمُؤمنِينَ وساوس الشَّيْطَان وهواجس النُّفُوس، وَيُقَال: يدافع عَن الْجُهَّال بالعلماء، وَعَن العصاة بالمطيعين.
وَقَوله: ﴿إِن الله لَا يحب كل خوان كفور﴾ الخوان هُوَ كثير الْخِيَانَة، والكفور هُوَ الَّذِي كفر النِّعْمَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أذن للَّذين يُقَاتلُون بِأَنَّهُم ظلمُوا﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: هَذِه أول آيَة نزلت فِي إِبَاحَة الْقِتَال، وَقد رَوَاهُ سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، وقرىء: " أذن للَّذين يُقَاتلُون " بِنصب الْألف وَالتَّاء، وَإِنَّمَا ذكر " أُذن " و " أَذن " بِالرَّفْع وَالنّصب؛ " لِأَن الْمُسلمين قبل الْهِجْرَة كَانُوا قد اسْتَأْذنُوا من النَّبِي أَن يقاتلوا الْكفَّار فَلم يَأْذَن لَهُم، فَلَمَّا هَاجرُوا إِلَى الْمَدِينَة أنزل الله تَعَالَى آيَات الْقِتَال ".


الصفحة التالية
Icon